561
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

۵ / ۱۶

توبة فضيل بن عياض‏

۶۱۷. تهذيب الكمال عن الفضل بن موسى : كانَ الفُضَيلُ بنُ عِياضٍ شاطِراً۱ يَقطَعُ الطَّريقَ بَينَ أبيوَردَ وسَرخَسَ ، وكانَ سَبَبُ تَوبَتِهِ أنَّهُ عَشِقَ جارِيَةً ، فَبَينا هُوَ يَرتَقِي الجُدرانَ إلَيها إذ سَمِعَ تالِياً يَتلو : « أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ »۲ فَلَمّا سَمِعَها قالَ: بَلى‏ يا رَبِّ ، قَد آنَ ، فَرَجَعَ فَآواهُ اللَّيلُ إلى‏ خَرِبَةٍ ، فَإِذا فيها سابِلَةٌ ، فَقالَ بَعضُهُم: نَرتَحِلُ وقالَ بَعضُهُم: حَتّى‏ نُصبِحَ ، فَإِنَّ فُضَيلاً عَلَى الطَّريقِ يَقطَعُ عَلَينا.
قالَ: فَفَكَّرتُ وقُلتُ: أنَا أسعى‏ بِاللَّيلِ فِي المَعاصي ، وقَومٌ مِنَ المُسلِمينَ هاهُنا يَخافونَني ، وما أرَى اللَّهَ ساقَني إلَيهِم إلّا لِأَرتَدِعَ ، اللَّهُمَّ إنّي قَد تُبتُ إلَيكَ ، وجَعَلتُ تَوبَتي مُجاوَرَةَ البَيتِ الحَرامِ.۳

۵ / ۱۷

توبة عليّ بن فضيل بن عِياض‏

۶۱۸. كتاب التوّابين لابن قدامة عن يعقوب بن يوسف : كانَ الفُضَيلُ بنُ عِياضٍ إذا عَلِمَ أنَّ ابنَهُ عَلِيّاً خَلفَهُ - يَعني فِي الصَّلاةِ - مَرَّ ولَم يَقِف ولَم يُخَوِّف؛ وإذا عَلِمَ أنَّهُ لَيسَ خَلفَهُ تَنَوَّقَ‏۴ فِي القُرآنِ وحَزَّنَ وخَوَّفَ. فَظَنَّ يَوماً أنَّهُ لَيسَ خَلفَهُ فَأَتى‏ عَلى‏ ذِكرِ هذِهِ الآيَةِ: « رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَ كُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ »۵ قالَ: فَخَرَّ عَلِيٌّ مَغشِيّاً عَلَيهِ. فَلَمّا

1.الشّاطِر : من أعيا أهله ومؤدّبه خُبثاً ومكراً ، وهو مأخوذ من شَطَرَ عنهم ؛ إذا نَزَحَ عنهم وتركهم مراغماً أو مخالفاً (تاج العروس : ج ۷ ص ۲۴ «شطر») .

2.الحديد : ۱۶ .

3.تهذيب الكمال : ج ۲۳ ص ۲۸۵ ، تهذيب التهذيب : ج ۴ ص ۴۸۳ ، سير أعلام النبلاء : ج ۸ ص ۴۲۳ ، تاريخ دمشق : ج ۴۸ ص ۳۸۳ ، البداية والنهاية : ج ۱۰ ص ۱۹۸ وراجع: تاريخ دمشق : ج ۴۸ ص ۳۸۲ و ص ۳۸۴ .

4.تنوَّق في الأمر : تأنّق فيه . وتنوَّق في مطعمه وملبسه : تجوّد وبالغ (مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۸۵۰ «نوق») .

5.المؤمنون : ۱۰۶ .


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
560

مِنْ عَذَابِ يَوْمَل-ِذِ بِبَنِيهِ » إلى‏ قَولِهِ « وَ جَمَعَ فَأَوْعَى‏ »۱ في جَهدٍ جَهيدٍ وعَذابٍ شَديدٍ ومَقتٍ مِن رَبِّ العالَمينَ « وَ مَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ ».۲
فَقامَ الهاشِمِيُّ مِن مَجلِسِهِ وعانَقَ الشّابَّ وبَكى‏ وصاحَ بِنُدَمائِهِ: اِنصَرِفوا عَنّي ، وخَرَجَ إلى‏ صَحنِ دارِهِ ، وقَعَدَ عَلى‏ حَصيرٍ مَعَ الشّابِّ يَنوحُ ويَبكي عَلى‏ شَبابِهِ ، ويَندُبُ نَفسَهُ وَالشّابُّ يَعِظُهُ ، إلى‏ أن أصبَحَ وقَد عاهَدَ اللَّهَ أن لا يَعودَ إلى‏ مَعصِيَةٍ أبَداً . فَلَمّا أصبَحَ أظهَرَ تَوبَتَهُ ولَزِمَ المَسجِدَ وَالعِبادَةَ. وأمَرَ بِالذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَالجَواهِرِ وَالمَلابِسِ فَبيعَت كُلُّها ، وتَصَدَّقَ بِها وقَطَعَ الإِجراءَ عَن نَفسِهِ ، ورَدَّ الضِّياعَ المُقطَعَةَ وباعَ ضِياعَهُ وعَبيدَهُ وجَوارِيَهُ ، وأعتَقَ مَنِ اختارَ العِتقَ وتَصَدَّقَ بِهِ كُلَّهُ ، ولَبِسَ الصّوفَ الخَشِنَ وأكَلَ الشَّعيرَ ، وكانَ يُحيِي اللَّيلَ ويَصومُ النَّهارَ حَتّى‏ كانَ يَنتابُهُ الصّالِحونَ وَالأَخيارُ ويَقولونَ لَهُ: اُرفُق بِنَفسِكَ فَإِنَّ المَولى‏ كَريمٌ ، يَشكُرُ اليَسيرَ ، ويُثيبُ عَلَى الكَثيرِ . فَيَقولُ: يا قَومِ أنَا أعرَفُ بِنَفسي ، إنَّ جُرمي عَظيمٌ ، عَصَيتُ مَولايَ بِاللَّيلِ وَالنَّهارِ. ويَبكي ويُكثِرُ البُكاءَ. ثُمَّ خَرَجَ حاجّاً عَلى‏ قَدَمَيهِ حافِياً ما عَلَيهِ إلّا خَيشَةٌ وما مَعَهُ إلّا رَكوَةٌ وجِرابٌ حَتّى‏ قَدِمَ مَكَّةَ وقَضى‏ حَجَّهُ وأقامَ بِها. وكانَ يَدخُلُ الحِجرَ بِاللَّيلِ يَنوحُ عَلى‏ نَفسِهِ ويَقولُ: «سَيِّدي ! لَم اُراقِبكَ في خَلَواتي ، سَيِّدي ذَهَبَت شَهَواتي وبَقِيَت تَبِعاتي ، فَالوَيلُ لي يَومَ ألقاكَ ، وَالوَيلُ كُلُّ الوَيلِ مِن صَحيفَتي إذا نُشِرَت مَملوءَةً مِن فَضائِحي وخَطايايَ؛ بَل حَلَّ بِيَ الوَيلُ مِن مَقتِكَ إيّايَ وتَوبيخِكَ لي في إحسانِكَ إلَيَّ ومُقابَلَةِ نِعمَتِكَ بِالمَعاصي؛ وأنتَ مُطَّلِعٌ عَلى‏ أفعالي ، سَيّدي إلى‏ مَن أهرُبُ إلّا إلَيكَ ؟ وإلى‏ مَن ألتَجِئُ إلّا إلَيكَ ؟ سَيّدي! إنّي لا أستَأهِلُ أن أسأَلَكَ الجَنَّةَ ، بَل أسأَلُكَ بِجودِكَ وكَرَمِكَ وتَفَضُّلِكَ أن تَغفِرَ لي وتَرحَمَني فَإِنَّكَ أهلُ التَّقوى‏ وأهلُ المَغفِرَةِ».۳

1.المعارج : ۱۱ - ۱۸ .

2.الحجر : ۴۸ .

3.كتاب التوّابين لابن قدامة : ص ۱۸۳ الرقم ۷۱ .

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27468
صفحه از 616
پرینت  ارسال به