المُرخى عَلَيَّ ، وقَد عَصَيتُكَ بِجَهلي۱ وخالَفتُكَ بِجَهلي ، فَالآنَ مِن عَذابِكَ مَن يَستَنقِذُني ، وبِحَبلِ مَن أتَّصِلُ إن أنتَ قَطَعتَ حَبلَكَ عَنّي؟! وا شَباباه وا شَباباه ! فَلَمّا فَرَغَ مِن قَولِهِ ، تَلَوتُ آيَةً مِن كِتابِ اللَّهِ « قُواْ أَنفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَل-ِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ »۲الآيَةَ ، فَسَمِعتُ حَرَكَةً شَديدَةً ثُمَّ لَم أسمَع بَعدَها حِسّاً ، فَمَضَيتُ .
فَلَمّا كانَ مِنَ الغَدِ رَجَعتُ في مَدرَجَتي ، فَإِذا بِجِنازَةٍ قَد وُضِعَت ، وإذا عَجوزٌ كَبيرَةٌ فَسَأَلتُها عَن أمرِ المَيِّتِ ولَم تَكُن عَرَفَتني ، فَقالَت: مَرَّ هُنا رَجُلٌ - لا جَزاهُ اللَّهُ إلّا جَزاءَهُ - ، بِابنِيَ البارِحَةَ وهُوَ قائِمٌ يُصَلّي ، فَتَلا آيَةً مِن كِتابِ اللَّهِ ، فَلَمّا سَمِعَهَا ابني تَفَطَّرَت مَرارَتُهُ فَوَقَعَ مَيِّتاً.۳
۵ / ۱۵
توبة موسى بن سليمان الهاشميّ
۶۱۶. كتاب التوّابين لابن قدامة عن محمّد بن السمّاك : إنَّ موسَى بنَ سُلَيمانَ الهاشِمِيَّ كانَ مِن أنعَمِ بَني أبيهِ عَيشاً وأرخاهُ بالاً ، يُعطي نَفسَهُ شَهوَتَها مِن صُنوفِ اللَّذّاتِ فِي المَأكَلِ وَالمَشرَبِ وَالمَلبَسِ وَالطّيبِ وَالجَواري وَالغِلمانِ. لَيسَت لَهُ فِكرَةٌ ولا هِمَّةٌ إلّا فيما هُوَ مِن عَيشِهِ ولَذَّتِهِ... . حَتّى مَضَت لَهُ سَبعٌ وعِشرونَ سَنَةً. فَبَينا هُوَ ذاتَ يَومٍ في قُبَّتِهِ ، وقَد مَضى بَعضُ اللَّيلِ ، إذ سَمِعَ نَغمَةً مِن حَلقٍ نَدِيٍّ شَجِيٍّ خِلافَ ما يَسمَعُ مِن مُطرِبيهِ؛ فَأَخَذَت بِمَجامِعِ قَلبِهِ وَلَها عمّا كانَ فيهِ. فَأَومَأَ إلَيهِم أن أمسِكوا ، وأخرَجَ رَأسَهُ مِن بَعضِ تِلكَ الشُّبَّاكاتِ المُشرَعَةِ إلَى الجادَّةِ يَتَسَمَّعُ الَّذي وَقَعَ بِقَلبِهِ ، فَإِذا النَّغمَةُ رُبَّما سَمِعَها ، ورُبَّما خَفِيَت. فَصاحَ بِغِلمانِهِ: اُطلُبوا صاحِبَ هذَا الصَّوتِ! وكانَ