559
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

قَد عَمِلَ فيهِ الشَّرابَ. فَخَرَجَ الغِلمانُ يَطوفونَ؛ فَإِذا هُم بِشابٍّ نَحيلِ الجِسمِ ، دَقيقِ العُنُقِ ، مُصفَرِّ اللَّونِ ، ذابِلِ الشَّفَتَينِ ، شَعِثِ الرَّأسِ ، قَد لَصِقَ بَطنُهُ بِظَهرِهِ ، عَلَيهِ طِمرانِ ما يَتَوارى‏ بِغَيرِهِما ، حافِي القَدَمَينِ ، قائِمٍ في بَعضِ المَساجِدِ يُناجي رَبَّهُ تَعالى‏. فَأَخرَجوهُ مِنَ المَسجِدِ وَانطَلَقوا بِهِ لا يُكَلِّمونَهُ حَتّى‏ أوقَفوهُ بَينَ يَدَيهِ ، فَنَظَرَ إلَيهِ فَقالَ: مَن هذا؟ قالوا: صاحِبُ النَّغمَةِ الَّتي سَمِعتَ . قالَ : أينَ أصَبتُموهُ ؟ قالوا: فِي المَسجِدِ قائِماً يُصَلّي ويَقرَأُ. فَقالَ: أيُّهَا الشّابُّ ما كُنتَ تَقرَأُ؟ قالَ: كَلامَ اللَّهِ. قالَ: فَأَسمِعني بِتِلكَ النَّغمَةِ. فَقالَ: أعوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ « إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِى نَعِيمٍ » إلى‏ قَولِهِ : « يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ »۱ أيُّهَا المَغرورُ ! إنَّهَا خِلافُ مَجلِسِكَ ومُستَشرَفِكَ وفُرُشِكَ؛ إنَّها أرائِكُ مَفروشَةٌ بِفُرُشٍ مَرفوعَةٍ « بَطَالِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ »۲« عَلَى‏ رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَ عَبْقَرِىٍّ حِسَانٍ »۳ يُشرِفُ وَلِيُّ اللَّهِ مِنها عَلى‏ عَينَينِ تَجرِيانِ في جَنَّتَينِ « فِيهِمَا مِن كُلِ‏ّ فَكِهَةٍ زَوْجَانِ »۴« لَّا مَقْطُوعَةٍ وَ لَا مَمْنُوعَةٍ »۵« فِى عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ »۶« فِى جَنَّةٍ عَالِيَةٍ » إلى‏ قَولِهِ: « وَ زَرَابِىُّ مَبْثُوثَةٌ »۷« فِى ظِلَلٍ وَ عُيُونٍ »۸« أُكُلُهَا دَائِمٌ وَ ظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّ عُقْبَى الْكَفِرِينَ النَّارُ »۹« لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَ هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ »۱۰«فِى ضَلَلٍ وَ سُعُرٍ * يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِى النَّارِ عَلَى‏ وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ »۱۱« يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِى

1.المطفّفين : ۲۲ - ۲۸ .

2.الرحمن: ۵۴

3.الرحمن : ۷۶ .

4.الرحمن : ۵۲ .

5.الواقعة : ۳۳ .

6.الحاقّة : ۲۱ .

7.الغاشية: ۱۰ - ۱۶ .

8.المرسلات : ۴۱ .

9.الرعد : ۳۵ .

10.الزخرف : ۷۵

11.القمر : ۴۷ و ۴۸


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
558

المُرخى‏ عَلَيَّ ، وقَد عَصَيتُكَ بِجَهلي‏۱ وخالَفتُكَ بِجَهلي ، فَالآنَ مِن عَذابِكَ مَن يَستَنقِذُني ، وبِحَبلِ مَن أتَّصِلُ إن أنتَ قَطَعتَ حَبلَكَ عَنّي؟! وا شَباباه وا شَباباه ! فَلَمّا فَرَغَ مِن قَولِهِ ، تَلَوتُ آيَةً مِن كِتابِ اللَّهِ « قُواْ أَنفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَل-ِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ »۲الآيَةَ ، فَسَمِعتُ حَرَكَةً شَديدَةً ثُمَّ لَم أسمَع بَعدَها حِسّاً ، فَمَضَيتُ .
فَلَمّا كانَ مِنَ الغَدِ رَجَعتُ في مَدرَجَتي ، فَإِذا بِجِنازَةٍ قَد وُضِعَت ، وإذا عَجوزٌ كَبيرَةٌ فَسَأَلتُها عَن أمرِ المَيِّتِ ولَم تَكُن عَرَفَتني ، فَقالَت: مَرَّ هُنا رَجُلٌ - لا جَزاهُ اللَّهُ إلّا جَزاءَهُ - ، بِابنِيَ البارِحَةَ وهُوَ قائِمٌ يُصَلّي ، فَتَلا آيَةً مِن كِتابِ اللَّهِ ، فَلَمّا سَمِعَهَا ابني تَفَطَّرَت مَرارَتُهُ فَوَقَعَ مَيِّتاً.۳

۵ / ۱۵

توبة موسى بن سليمان الهاشميّ‏

۶۱۶. كتاب التوّابين لابن قدامة عن محمّد بن السمّاك : إنَّ موسَى بنَ سُلَيمانَ الهاشِمِيَّ كانَ مِن أنعَمِ بَني أبيهِ عَيشاً وأرخاهُ بالاً ، يُعطي نَفسَهُ شَهوَتَها مِن صُنوفِ اللَّذّاتِ فِي المَأكَلِ وَالمَشرَبِ وَالمَلبَسِ وَالطّيبِ وَالجَواري وَالغِلمانِ. لَيسَت لَهُ فِكرَةٌ ولا هِمَّةٌ إلّا فيما هُوَ مِن عَيشِهِ ولَذَّتِهِ... . حَتّى‏ مَضَت لَهُ سَبعٌ وعِشرونَ سَنَةً. فَبَينا هُوَ ذاتَ يَومٍ في قُبَّتِهِ ، وقَد مَضى‏ بَعضُ اللَّيلِ ، إذ سَمِعَ نَغمَةً مِن حَلقٍ نَدِيٍّ شَجِيٍّ خِلافَ ما يَسمَعُ مِن مُطرِبيهِ؛ فَأَخَذَت بِمَجامِعِ قَلبِهِ وَلَها عمّا كانَ فيهِ. فَأَومَأَ إلَيهِم أن أمسِكوا ، وأخرَجَ رَأسَهُ مِن بَعضِ تِلكَ الشُّبَّاكاتِ المُشرَعَةِ إلَى الجادَّةِ يَتَسَمَّعُ الَّذي وَقَعَ بِقَلبِهِ ، فَإِذا النَّغمَةُ رُبَّما سَمِعَها ، ورُبَّما خَفِيَت. فَصاحَ بِغِلمانِهِ: اُطلُبوا صاحِبَ هذَا الصَّوتِ! وكانَ

1.في كتاب التوّابين لابن قدامة : «بجهدي» بدل «بجهلي» .

2.التحريم: ۶ .

3.المستدرك على الصحيحين : ج ۲ ص ۵۳۷ ح ۳۸۲۹ ، كتاب التوّابين لابن قدامة : ص ۲۸۹ الرقم ۱۲۱ .

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27492
صفحه از 616
پرینت  ارسال به