أموالِنا؟ فَقالَ صلى اللّه عليه و آله : نَعَم. قالَ: فَإِنَّ لي حائِطَينِ ، أحَدُهُما بِالعالِيَةِ وَالآخَرُ بِالسّافِلَةِ ، فَقَد أقرَضتُ خَيرَهُما رَبّي.
فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله : هُوَ لِليَتيمِ الَّذي عِندَكُم . ثُمَّ قالَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله : رُبَّ عَذقٍ۱ لِابنِ الدَّحداحِ فِي الجَنَّةِ مُذَلَّلٍ !۲
۶۰۹. مستدرك الوسائل عن الشيخ أبي الفتوح الرازي في تفسيره : أنَّهُ لَمّا نَزَلَتِ الآيَةُ « مَّن ذَا الَّذِى يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا » قالَ: كانَ رَجُلٌ مِنَ الصَّحابَةِ اسمُهُ أبُو الدَّحداحِ ، جاءَ إلى رَسولِ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله وقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ ، إنَّ اللَّهَ تَعالى يَستَقرِضُ مِنّا وهُوَ غَنِيٌّ عَنّا! فَقالَ[ صلى اللّه عليه و آله ]: بَلى ، حَتّى يُدخِلَكُمُ الجَنَّةَ ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ ، إن أقرَضتُ اللَّهَ تَعالى ، فَهَل تَضمَنُ لِيَ الجَنَّةَ؟ فَقالَ: نَعَم ، مَن تَصَدَّقَ بِشَيءٍ فَلَهُ مِثلُهُ فِي الجَنَّةِ .
فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ ، وأهلي - اُمُّ الدَّحداحِ - مَعي؟ قالَ: نَعَم. قالَ: وهذِهِ بِنتي دَحداحَةُ مَعي؟ قالَ: نَعَم ، قالَ: فَأَعطِني يَدَكَ.
فَوَضَعَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله يَدَهُ في يَدِهِ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ ، إنَّ لي حَديقَتَينِ: إحداهُما فَوقَ المَدينَةِ ، وَالاُخرى في أسفَلِها ، ما لي غَيرُهُما قَد أقرَضتُهُمَا اللَّهَ تَعالى.
فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله : لا ، أقرِض واحِدَةً ، وأطلِقِ الاُخرى ، يَكونُ عيشَةً لَكَ ولِعِيالِكَ.
فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ ، لَمّا قُلتَ هذا ، فَاشهَد بِأَنَّ أحسَنَ الحَديقَتَينِ للَّهِِ تَعالى ، وهِيَ حائِطٌ فيها سِتّونَ نُخَيلَةً ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله : إذاً يَجزِيَكَ اللَّهُ الجَنَّةَ .
فَأَتى أبُو الدَّحداحِ إلى أهلِهِ ووُلدِهِ ، وهُم فِي الحَديقَةِ يَطوفونَ حَولَ الأَشجارِ ويَعمَلونَ عَمَلاً ، فَنادى وأنشَأَ يَقولُ:
هَداكِ رَبّي سُبُلَ الرَّشادِإلى سَبيلِ الخَيرِ وَالسَّدادِ
بِيني مِنَ الحائِطِ لي بِالزّادِفَقَد مَضى قَرضاً إلَى التَّنادِ
أقرَضتُهُ اللَّهَ عَلَى اعتِماديبِالطَّوعِ لا مَنٍّ ولَا ارتِدادِ
إلّا رَجاءَ الضِّعفِ فِي المَعادِفَارتَحِلي بِالنَّفسِ وَالأَولادِ
وَالبِرُّ لا شَكَّ فَخَيرُ زادِقَدَّمَهُ المَرءُ إلَى المَعادِ .
فَقالَت أمُّ الدَّحداحِ: بارَكَ اللَّهُ لَكَ فيمَا اشتَرَيتَ ، وأنشَأَت تَقولُ:
بَعلُكِ أدّى ما لَدَيهِ ونَصَحأنَّ لَكِ الخَطَّ إذَا الخَطُّ وَضَح
قَد مَتَّعَ اللَّهُ عِيالي ومَنَحبِالعَجوَةِ السَّوداءِ وَالزَّهرِ البَلَح
وَالعَبدُ يَسعى ولَهُ ما قَد كَدَحطولَ اللَّيالي وعَلَيهِ ما اجتَرَح
وأخَذَ ما كانَ في حُجورِ الأَولادِ وأكمامِهِم وطَرَحَهُ ، وما كانَ في أفواهِهِم أخَذَهُ وطَرَحَهُ ، وخَرَجوا ودَخَلوا حَديقَةً اُخرى.
وقالَ الرَّسولُ صلى اللّه عليه و آله : كَم مِن عَذقٍ رَداحٍ ودارٍ فَيّاحٍ فِي الجَنَّةِ لِأَبِي الدَّحداحِ.۳
1.العَذقُ - بالفتح - : النَّخلَةُ . وبالكسر : العرجون بما فيه من الشماريخ (النهاية : ج ۳ ص ۱۹۹ «عذق») .
2.المعجم الأوسط : ج ۲ ص ۲۴۳ ح ۱۸۶۶ ، تفسير الطبري : ج ۲ الجزء ۲ ص ۵۹۳ ، تفسير عبد الرزّاق: ج ۱ ص ۳۵۷ ح ۳۰۷ كلاهما عن زيد بن أسلم ، تفسير ابن كثير : ج ۱ ص ۴۴۱ ، تفسير ابن أبي حاتم : ج ۲ ص ۴۶۰ ح ۲۴۳۰ كلاهما عن عبد اللَّه بن مسعود وكلّها نحوه ، كنز العمّال : ج ۲ ص ۳۵۴ ح۴۲۲۴ .
3.مستدرك الوسائل : ج ۷ ص ۲۶۴ ح ۸۲۰۳ . في المصدر أغلاط كثيرة في متن الأبيات وجملة الأخرى ، لذلك أثبتناهم كما في تفسير القرطبي (ج ۳ ص ۲۳۸) عن زيد بن اسلم .