515
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

إلّا أنّ المسلمين أنفسهم لا يؤمنون باستدلالات هؤلاء الأشخاص، وهم لا يأخذون بهذه الاُمور ولا يشيرون إليها؛ لأنّ مغالطتهم واضحة».

ثمّ يمضي إلى القول:
نظراً إلى أنّ المسلمين لا يمكنهم أن يجدوا حتّى شاهداً أو إشارة أو حتّى تلميحاً إلى نبيّهم في جميع أرجاء العهد القديم، فقد اضطرّوا لأن يتّهمونا ويقولوا: لقد غيّرتم نصّ التوراة وأزلتم كلّ أثر لاسم محمّد منه!! وهم لا يمكنهم أن يجدوا شيئاً أقوى من هذا الاستدلال القبيح الذي تظهر عدم صحّته بسهولة لنا ولكلّ الباحثين عن الحقيقة.
أوّلاً: أنّ الكتاب المقدّس ترجم قبل ظهور محمّد بمئات السنين.
ثانياً: للشرق والغرب سنّة واحدة بشأن نصّ الكتاب المقدّس ولا نجد أيّ اختلاف فيه، حتّى في إعرابه. كما لا يوجد فيه أيّ اختلاف يؤثّر في المعنى. وعلى هذا فإنّ دافعهم إلى مثل هذه التهمة عدم وجود أيّة إشارة إلى محمّد في التوراة.۱

ويجب القول: إنّ ابن ميمون لم يأتِ - في هذا الردّ - بأيّ دليل على ردّ استدلالات معارضيه، سوى أنّه أصرّ على إنكاراته عبر أجوبة غير علمية ومقرونة بالسخرية والإهانة. وفضلاً عن ذلك، فقد ادّعى أنّ المسلمين لم يستدلّوا أبداً بالجمل المذكورة في التوراة، في حين أنّ الروايات الشيعية والسنّية استشهدت بهذه الجمل ونظائرها منذ القرون الإسلامية الاُولى.

إضافة إلى علمنا بأنّ عدداً كبيراً من اليهود والنصارى كانوا يعيشون في أرض الحجاز، حيث كان الكثير من القساوسة بينهم. فلو لم ترد أيّة إشارة إلى نبيّ الإسلام صلى اللّه عليه و آله في الكتاب المقدّس - كما يقول ابن ميمون - لكان اليهود والنصارى قد أتوا بكتبهم إلى النبيّ صلى اللّه عليه و آله ولطلبوا منه أن يدلّهم على اسمه، ولو افترضنا أنّه صلى اللّه عليه و آله عجز عن ذلك، لاتنتشر هذا الموضوع من قبل اُولئك الأشخاص، بل لتزلزلت عقائد

1.يهود. مسيحيت وإسلام: ج ۳ ص ۲۸۵ - ۲۸۶ نقلاً عن ابن ميمون في رسالة إلى اليمن.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
514

فارس باسم الأمين‏

تفيد مكاشفة يوحنّا بأنّ فارساً يدعى «الأمين» يأتي ويحارب بالحقّ والعدل.۱

ردّ فعل اليهود والمسيحيين في مقابل بشائر الكتاب المقدّس‏

ادّعى بعض علماء اليهود والمسيح أنّ ادّعاءات المسلمين بشأن بشائرالعهدين بالنبيّ الأعظم صلى اللّه عليه و آله لا أساس لها، وادّعوا عدم وجود أيّة إشارة في الكتاب المقدّس إلى النبيّ الأعظم صلى اللّه عليه و آله . فكتب ابن ميمون - العالم اليهودي البارز - في رسالة إلى أبناء دينه باليمن قائلاً :
لقد أشرتم في رسالتكم إلى أنّ الوكيل [يبدو أنّه يهودي كان قد اعتنق الإسلام ]أغوى طائفة من الناس وقال: إنّ بعض الآيات من الكتاب المقدّس تشير إلى محمّد مثل: «سوف اُكثّرهم إلى حدّ كبير»۲و«سيظهر من جبل فاران»۳ و«نبيّ من بينكم»۴ ووعد [اللَّه‏] بشأن إسماعيل [يفيد بأنّني‏] سوف اُوجد منك اُمّة عظيمة.۵ وقد تكررت هذا الاستدلالات إلى حدّ بحيث اكتسبت شكلاً قبيحاً.
وهذا لا يكفي لأن نقول: إنّهم كلّهم ضعفاء، ولكن يجب القول: إنّ الاستدلال بهذه الجمل مضحك ولا أساس له إلى حدّ كبير؛ لأنّها ليست بالاُمور التي تثير الاضطراب في ذهن أحد، فعامّة الناس من الجهلة، واُولئك المرتدّون أنفسهم الذين يخدعون الآخرين بهذه العبارات لا يعتقدون بها، أو أنّهم يعرضونها بهذه الكيفية بهدف التسلية. وهدفهم من طرح هذه الآيات التسلية عند غير أهل الكتاب؛ كي يُظهروا أنّهم يعتقدون بوجود إشارات إلى القرآن ومحمّد في التوراة.

1.مكاشفة يوحنا: الإصحاح ۱۹، الفقرة ۱۱.

2.التكوين: الإصحاح ۲۰ الفقرة ۱۷.

3.التثنية: الإصحاح ۲ الفقرة ۳۳.

4.التثنية: الإصحاح ۱۵ الفقرة ۱۸.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27306
صفحه از 616
پرینت  ارسال به