513
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

وهي من الأفعال البشرية.۱

ويؤكّد القرآن على أنّ نبيّ الإسلام صلى اللّه عليه و آله مأمور بتلاوة الوحي، ولا يتبع إلّا ما يُتلى عليه: « فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْءَانَهُ »۲، وقد أكّد فعل القراءة في هذه الآية، فضلاً عن أنّ اسم الكتاب المنزل على نبيّ الإسلام صلى اللّه عليه و آله هو «القرآن» بمعنى «القراءة».

النبيّ المنتظر

جاء في إنجيل يوحنّا:

أرسل زعماء اليهود من مدينة اُورشليم ذات يوم عدداً من الكهنة إلى يحيى كي يعلموا هل يدّعي أنّه المسيح أم لا؟
فقال يحيى بصراحة ووضوح: كلّا، أنا لست المسيح، فسألوه: طيب، فمن أنت؟ هل أنت إلياس النبيّ؟ فأجاب: كلّا! فسألوا: هل أنت النبيّ الذي ننتظره؟

فأجاب مرّة اُخرى:
كلّا!۳

وجاء في الإصحاح السابع من هذا الإنجيل نفسه:

عندما جاء عيسى بين الناس، وأظهر معجزاته، اختلف الناس فيه، فقال بعضهم: هو المسيح. وقال بعض آخر: إنّه حقّاً نفس النبيّ الذي كنّا ننتظره.۴

ترى أيّ نبيّ كان اليهود ينتظرونه في عصر عيسى عليه السلام ؟ إنّه نفس النبيّ الذي وعد اللَّه في التوراة بظهوره قائلاً: إنّه كموسى عليه السلام ومن ذرّية إخوة بني إسرائيل. ويتّضح من هذه العبارة أنّ نبوءات أنبياء العهد القديم فيما يتعلّق بعيسى عليه السلام كانت بشأنه عليه السلام وعصر العهد الجديد، وبشأن محمّد صلى اللّه عليه و آله وعصر العهد النهائي وختام النبوّة.

1.مقايسه ميان تورات، إنجيل، قرآن وعلم، ص ۱۵۳ - ۱۵۴.

2.القيامة: ۱۸.

3.يوحنا: الإصحاح ۱، الفقرات ۱۹ - ۲۱.

4.يوحنا: الإصحاح، ۷، الفقرات ۴۰ - ۴۱.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
512

شي‏ء، وهو الّذي يبدي‏ء فضائح الامم، وهو الّذي يكسر عمود الكفر؟ فقال الجاثليق:ما ذكرت شيئاً من الإنجيل إلّا ونحن مقرّون به. فقال: أ تجد هذا في الإنجيل ثابتاً يا جاثليق؟ قال: نعم.۱

والملاحظة الاُخرى: أنّه لا ضرورة أيضاً للإصرار على أنّ هذه الكلمة كانت في الأصل بريقلوتوس وقرئت بارقلوتوس عمداً أو سهواً، بل على فرض كونها باراقلوتوس فيمكن تطبيقها على نبيّ الإسلام، والخطأ الذي حدث في ترجمات إنجيل يوحنّا هو أنّ هذه الكلمة ترجمت إلى روح القدس، وهو غير صحيح، فكلمة روح القدس في الأناجيل - ومن جملتها: إنجيل يوحنّا، وآثار المسيحيين الاُخرى - من الكلمات المعروفة ذات الاستعمال الواسع؛ ولذلك يطرح هذا السؤال، وهو لماذا استعملت هنا كلمة باراقلوتوس بدلاً من روح القدس؟ لقد استعمل اليهود العارفون باليونانية في القرن الأوّل الميلادي باراقلوتوس بمعنى الواسطة والشفيع، وهي لا تنطبق إلّا على إنسان واحد بلحاظ الأوصاف التي ذكرت له في إنجيل يوحنّا أوّلاً وأنّه يحلّ محلّ عيسى عليه السلام باعتباره واسطة اللَّه، في حين أنّ روح القدس ليس من جنس البشر؛ وعلى هذا، يجب أن يكون نبيّاً كعيسى ومن جنس البشر.۲

واستعملت هذه الكلمة نفسها في رسالة يوحنّا بشأن عيسى عليه السلام باعتباره رسول اللَّه، وهو يقول في هذه العبارة أيضاً:
إن اللَّه سوف يبعث من بعدي باراقلوتوس آخر. فضلاً عن ذلك.

فإنّ من غير الممكن أن ننسب عبارة: «هو لا يتحدّث من جانب نفسه، بل سوف يتكلّم بما سمعه» إلى روح القدس؛ لأنّ عمل روح القدس هو الإلقاء والإلهام للقلب. واستعملت في النصّ اليوناني الكلمتان «اكوء» و «لالي»، وتعني الاُولى تلقّي الأصوات، والثانية تعني توليد الأصوات، وتدلّ على فعل «السماع والكلام»

1.عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج ۲ ص ۱۳۹ - ۱۵۸.

2.رسالة يوحنّا، الإصحاح ۱، الفقرة ۲.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27921
صفحه از 616
پرینت  ارسال به