التوراة والإنجيل شمل الصحيح وغير الصحيح.
وبعبارة اُخرى: إنّ القرآن يقصد أحياناً من التوراة والإنجيل نفس الشيء الذي نزل باعتباره الوحي والشريعة الإلهية على موسى وعيسى عليهما السلام والذي صدّقه القرآن نفسه أيضاً، وقصد أحياناً الكتب التي كانت عند اليهود والمسيحيين في عهد نزول القرآن، وكانوا يعرفونها باسم التوراة والإنجيل، وعلى سبيل المثال؛ فعندما يصف القرآن الكريم عيسى عليه السلام « وَءَاتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ »۱ فإنّه قصد الإنجيل الحقيقي، في حين أنّ اللَّه عندما يدعو المسيحيين لأن يحكموا وفق أحكام الإنجيل۲، أو يدعو أهل الكتاب لإقامة التوراة والإنجيل، فإنّه قصد بذلك الكتب التي كانت تحت تصرّف اليهود والمسيحيين، والتي كانوا يسمّونها التوراة والإنجيل.۳
وبناء على ذلك، فعندما تحدّث القرآن في الآية (۸۱) من سورة آل عمران « مَكْتُوبًا عِندَهُمْ » عن وجود البشارة في التوراة والإنجيل، فإنّه أراد التوراة والإنجيل اللذين كانا عند اليهود والمسيحيين في عهد نزول القرآن، ومن المؤكّد أنّ ما كان يعرف آنذاك باعتباره التوراة والإنجيل، ليسا بالحقيقيين؛ بل هما مجموعة المكتوبات التي كانت تسمّى التوراة والإنجيل، والتي كان قد دوّنها أشخاص آخرون غير موسى وعيسى عليه السلام .۴
وبناء على ذلك، فإنّ المراد من التوراة والإنجيل في الآية موضوع البحث، وهي الكتب اليهودية والمسيحية التي كانت تعرف عندهم باعتبارها التوراة والإنجيل، إلّا أنّ السؤال المطروح هو: ما هي تلك الكتب؟ لقد كان لليهود منذ قرون قبل ظهور