501
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

في الإنجيل أم لا إلّا أنّ الروايات الإسلامية ذكرت في تفسير هذه الآية: أنّ هذه البشارة من بشائر الإنجيل. وقد جاء في حديث أنّ اسم نبيّ الإسلام صلى اللّه عليه و آله هو «أحمد» في الإنجيل.۱

ويدلّ هذا الحديث على أنّ بشارة عيسى عليه السلام بالنبيّ الأعظم صلى اللّه عليه و آله جاءت في الإنجيل، فضلاً عن أنّ الأناجيل التي كانت متداولة في عهد النبيّ صلى اللّه عليه و آله هي في الحقيقة السيرة القولية والعملية لعيسى عليه السلام والتي كتبها الآخرون بتأييد روح القدس على ما يرى المسيحيون، ولم تكن نفس كتابه عليه السلام أبداً.

وبغضّ النظر عن السنّة الشفوية بين أهل الكتاب في عهد نزول القرآن الكريم، والتي لم تصلنا منها معلومات دقيقة، فإنّ هذه المقالة بصدد بيان الإبهام وإزالته عن مسألتين مهمّتين:

إحداهما: معرفة أيّ كتاب أو كتب لليهود والمسيحيين قصد القرآن أساساً عند حديثه عن الآيات السابقة من التوراة والإنجيل، وهل المراد من التوراة، مجرّد الكتاب الذي نزل على موسى عليه السلام ، والمراد من الإنجيل، مجرد الوحي الذي نزل على عيسى، أم أنّ المراد من هذين العنوانين الكتب التي تشمل كتابي موسى وعيسى عليهما السلام ؟

والاُخرى: هل تعرّضت هذه البشائر للتحريف بعد الإسلام؟ أم كانت موجودة في نسخ خاصّة لم يكن يعرفها سوى اليهود و المسيحيّين القاطنين في جزيرة العرب؟ أم أنّه يمكن العثور عليها الآن أيضاً في النسخ المتداولة للكتاب المقدّس اليهودي والمسيحي؟

البشائر في أيّ نسخة من نسخ التوراة والإنجيل؟

تدلّ النظرة المجملة إلى آيات القرآن الكريم والتي ذكر فيها التوراة والإنجيل على أنّ القرآن لم يشر إلى مصداق واحد في جميع المواضع، بل إنّ استعماله لِلَفظَي

1.كتاب من لا يحضره الفقيه: ج ۴ ص ۱۷۷ ح ۵۴۰۳.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
500

الأنبياء صلى اللّه عليه و آله ، بل يكفي أن يرجعوا إلى التوراة والإنجيل كي يجدوا اسم نبيّ الإسلام صلى اللّه عليه و آله وأصحابه وأوصافهم. وفي الحقيقة، فإنّ القرآن الكريم يذكّر بأنّ أهل الكتاب حتّى إذا أرادوا إخفاء المعلومات المنبثقة من سنّتهم الدينية الشفوية عن نبيّ الإسلام صلى اللّه عليه و آله ، فإنّ الآيات الموجودة في توراتهم وإنجيلهم ستكون شاهداً واضحاً لأهل الحقيقة. وهنالك ثلاث آيات من آيات القرآن سلّطت الضوء على هذا الموضوع:

الآية الاُولى: وهي أكثر الآيات صراحة في هذا الباب، وهي الآية ۱۵۷ من سورة الأعراف:
« الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِىَّ الْأُمِّىَّ الَّذِى يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِى التَّوْرَاةِ وَالإِْنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَْغْلَلَ الَّتِى كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ ءَامَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِى أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ » .

الآية الثانية: وهي الآية ۲۹ من سورة الفتح، حيث تقول هذه الآية عن النبيّ الأعظم صلى اللّه عليه و آله :
« مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَ نًا سِيمَاهُمْ فِى وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَ لِكَ مَثَلُهُمْ فِى التَّوْرَاةِ وَ مَثَلُهُمْ فِى الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطَْهُ فََازَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى‏ عَلَى‏ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَ عَمِلُواْ الصَّلِحَتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَ أَجْرًا عَظِيمَا » .

الآية الثالثة: وهي الآية ۶ من سورة الصفّ، حيث جاء فيها:
« وَ إِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَبَنِى إِسْرَائِيلَ إِنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَىَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَ مُبَشِّرَاً بِرَسُولٍ يَأْتِى مِنْ بَعْدِى اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ » .

ورغم أنّ الآية الثالثة لا تصرّح بأنّ بشارة عيسى عليه السلام بالنبيّ الأعظم صلى اللّه عليه و آله هل كانت

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27759
صفحه از 616
پرینت  ارسال به