499
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

ما من رسولٍ سَلَفَ ولا نبيٍّ مضى إلّا وقد كان مخبراً اُمته بالمرسل الوارد من بعده ومبشّراً برسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ۱ . ۲

وتخبرنا آيات القرآن في المرحلة الثانية بأنّ الاُمم السابقة كانت على علم بخصوصيّات نبيّ الإسلام صلى اللّه عليه و آله من خلال عمل الأنبياء بواجبهم وميثاقهم الإلهي. واستناداً إلى القرآن الكريم، فإنّ تعاليم الأنبياء السابقين - سواء التراث المكتوب أم السنّة الشفوية - كانت واضحة وشفّافة إلى درجة بحيث إنّ أهل الكتاب كانوا ينتظرون مجي‏ء نبيّ الإسلام الأعظم صلى اللّه عليه و آله ، وكانوا يعرفونه بالخصوصيّات التي وعدوا بها كما يعرفون أبناءهم.
« الَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ».۳« الَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَ إِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ ».۴

رغم أنّ الكثير منهم كانوا يكتمون الحقيقة وينكرون ماكانوا يعرفونه، قال تعالى:
« وَ لَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَ كَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ».۵

وفي المرحلة الثالثة، وعلى إثر كتمان قسم من أهل الكتاب وإنكارهم، عمدت آيات القرآن إلى الكشف عن علامات البشائر في التراث المكتوب الحاضر عندهم؛ كي لا يبقي أيّ إبهام وغموض لطالبي الحقّ. وفي هذه المرّة ذكّرتهم بأنّ من غير الضروري أن يسلكوا طريقاً طويلاً وغير معروف للعثور على علامة خاتم

1.الكافي: ج ۸ ص ۲۵ ح ۴؛ نهاية الأرب في فنون الأدب: ج ۴ ص ۲۴۵ (باب اختلاف قريش).

2.راجع: الكافي: ج ۸ ص ۲۵ ح ۴ و ج ۸ ص ۱۱۳ ح ۹۲؛ الدرّ المنثور: ج ۱ ص ۱۵۸ (سورة البقرة: ذيل الآية ۸۷).

3.الأنعام: ۲۰.

4.البقرة: ۱۴۶.

5.البقرة: ۸۹.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
498

العالمية إلى كلّ الأنبياء والاُمم السابقة.

وفضلاً عن القرآن الكريم فقد أكّدت الروايات الإسلامية أيضاً هذا الأمر، وهو أنّ أنبياء العهد القديم بشّروا كذلك في كتبهم - وخاصة في الكتب المعروفة بالنبوءات، مثل كتاب النبيّ أشعيا - بظهور النبيّ محمّد صلى اللّه عليه و آله ، إضافة إلى تبشير النبيّ عيسى عليه السلام به وبنبوّته صلى اللّه عليه و آله .۱

ويمكن تصنيف إخبار القرآن الكريم وتعاليمه في باب بشارة الأنبياء السابقين بنبيّ الإسلام صلى اللّه عليه و آله في ثلاث مراحل:

فقد أعلن القرآن الكريم في المرحلة الاُولى أنّ اللَّه أخذ العهد من كلّ الأنبياء على أن يبلّغوا اُممهم بأن تؤمن بكلّ نبيّ يأتي ويصدّق التعاليم الإلهية للأنبياء السابقين وتنصره. جاء في سورة آل عمران:
« وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا ءَاتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ‏وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى‏ ذَلِكُمْ إِصْرِى قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّهِدِينَ ».۲

فإنّ هذه الآية - تبيّن حسب الروايات التفسيرية - أنّ كلّ الأنبياء السابقين أخذوا العهد من أقوامهم على أن يؤمنوا بنبيّ الإسلام وينصروه، حيث يدلّ هذا الأمر بحدّ ذاته وبنحو تلويحي على بشارة الأنبياء بنبيّ الإسلام صلى اللّه عليه و آله أيضاً. وبغضّ النظر عن دلالة الآية على هذا الأمر، فالأحاديث تخبرنا هي أيضاً بأنّ اللَّه أخذ مثل هذا العهد على كلّ الأنبياء۳. كما أنّ كلّ نبيّ كان يبشّر بالنبيّ أو الأنبياء من بعده‏۴. وقد جاء - في حديث - عن الإمام عليّ عليه السلام أنّه قال:

1.راجع: أعلام النبوّة: ج ۱ ص ۵۴ و۱۷۱؛ مختصر تاريخ دمشق: ج ۸ ص ۲۸۷؛ تاريخ الطبري: ج ۱ ص ۳۷۸؛ تاريخ دمشق: ج ۸ ص ۳۳؛ غريب الحديث، ابن قتيبة: ج ۱ ص ۱۴۲؛ بحار الأنوار: ج ۱۶ ص ۱۶۱ - ۱۶۳.

2.آل عمران: ۸۱.

3.نهج البلاغة الخطبة ۱؛ كنز العمّال: ج ۲ ص ۳۷۷ ح ۴۲۹۶؛ بصائر الدرجات، ص ۵۱۴ ح ۳۵.

4.الكافي، ج ۸ ص ۱۱۷ ح ۹۲.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 30880
صفحه از 616
پرینت  ارسال به