495
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

مِنهُم: كَعبُ بنُ الأَشرَفِ وكَعبُ بنُ اُسَيدٍ وشُعبَةُ بنُ عُمَرَ ومالِكُ بنُ الصَّيفِ وكِنانَةُ بنُ أبِي الحَقيقِ وغَيرُهُم، فَقالوا: يا مُحَمَّدُ أخبِرنا عَنِ الزّاني وَالزّانِيَةِ إذا اُحصِنا، ما حَدُّهُما؟
فَقالَ : وهَل تَرضَونَ بِقَضائي في ذلِكَ؟ قالوا: نَعَم. فَنَزَلَ جَبرائيلُ بِالرَّجمِ، فَأَخبَرَهُم بِذلِكَ ، فَأَبَوا أن يَأخُذوا بِهِ، فَقالَ جَبرائيلُ: اِجعَل بَينَكَ وبَينَهُم ابنَ صورِيا، ووَصَفَهُ لَهُ.
فَقالَ النَّبِيُّ: هَل تَعرِفونَ شابّاً أمرَدَ أبيَضَ أعوَرَ يَسكُنُ فَدَكاً يُقالُ لَهُ : ابنُ صورِيا؟ قالوا : نَعَم . قالَ : فَأَيُّ رَجُلٍ هُوَ فيكُم؟ قالوا : أعلَمُ يَهودِيٍّ بَقِيَ عَلى‏ ظَهرِ الأَرضِ بِما أنزَلَ اللَّهُ عَلى‏ موسى‏ . قالَ : فَأَرسِلوا إلَيهِ ، فَفَعَلوا فَأَتاهُم عَبدُاللَّهِ بنُ صورِيا .
فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ : إنّي أنشُدُكَ اللَّهَ الَّذي لا إلهَ إلَّا هُوَ ، الَّذي أنزَلَ التَّوراةَ عَلى‏ موسى‏،
وفَلَقَ لَكُمُ البَحرَ وأنجاكُم وأغرَقَ آلَ فِرعَونَ ، وظَلَّلَ عَلَيكُمُ الغَمامَ ، وأنزَلَ عَلَيكُمُ المَنَّ وَالسَّلوى‏ ، هَل تَجِدونَ في كِتابِكُمُ الرَّجمَ عَلى‏ مَن اُحصِنَ؟
قالَ ابنُ صورِيا : نَعَم‏۱ وَالَّذي ذَكَّرتَني بِهِ ، لَولا خَشيَةُ أن يُحرِقَني رَبُّ التَّوراةِ إن كَذَبتُ أو غَيَّرتُ مَا اعتَرَفتُ لَكَ ، ولكِن أخبِرني كَيفَ هِيَ في كِتابِكَ يا مُحَمَّدُ؟
قالَ : إذا شَهِدَ أربَعَةُ رَهطٍ عُدولٍ ، أنَّهُ قَد أدخَلَهُ فيها كَما يُدخَلُ المَيلُ فِي المُكحُلَةِ وَجَبَ عَلَيهِ الرَّجمُ‏۲ . قالَ ابنُ صورِيا : هكَذا أنزَلَ اللَّهُ فِي التَّوراةِ عَلى‏ موسى‏.
فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ : فَماذا كانَ أوَّلَ ما تَرَخَّصتُم بِهِ أمرَ اللَّهِ؟ قالَ : كُنّا إذا زَنَى الشَّريفُ تَرَكناهُ ، وإذا زَنَى الضَّعيفُ أقَمنا عَلَيهَ الحَدِّ ، فَكَثُرَ الزِّنا في أشرافِنا ، حَتّى‏ زَنَى ابنُ عَمِّ

1.الحدُّ الرّجم ، ذُكر في التّورات الحالى ، في الثانية والعشرون عن اصحاح من سفر تثنيه .

2.من الواضح أنّ هذا الحكم لا يوجد في نصٍّ قرآنيّ ، وكذلك لم يصرّح النبيّ صلى اللّه عليه و آله بأنّه من القرآن الكريم ، بل إنّه صلى اللّه عليه و آله كان في صدد تبيين الحكم فقط ؛ حكماً كان قد أنزله جبرئيل عليه السلام عليه صلى اللّه عليه و آله ، ومن المتّفق عليه عند الجميع أنّه ليس كلّ ما كان ينزله جبرئيل على النبيّ الأكرم صلى اللّه عليه و آله هو من القرآن لزوماً ، وإن كان هو من الأحكام والتعاليم والإلهيّة .


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
494

عَلَى‏ بَشَرٍ مِّن شَىْ‏ءٍ »۱ فَنَزَلَت هذِهِ الآيَةُ ، رَواهُ أبو صالِحٍ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ .
وكَذلِكَ قالَ سَعيدُ بنُ جُبَيرٍ وعِكرَمَةُ : نَزَلَت في مالِكِ بنِ الصَّيفِ .
وَالثّاني : أنَّ اليَهودَ قالوا : يا مُحَمَّدُ أنزَلَ اللَّهُ عَلَيكَ كِتاباً؟ قالَ : نَعَم ، قالوا : وَاللَّهِ ما أنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ كِتاباً؛ فَنَزَلَت هذِهِ الآيَةُ ، رَواهُ الوالِبِيُّ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ .
وَالثّالِثُ : أنَّ اليَهودَ قالوا : يا مُحَمَّدُ ، إنَّ موسى‏ جاءَ بِأَلواحٍ يَحمِلُها مِن عِندِ اللَّهِ ، فَائتِنا بِآيَةٍ كَما جاءَ موسى‏ ، فَنَزَلَ : « يَسَْلُكَ أَهْلُ الْكِتَبِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَبًا مِّنَ السَّمَاءِ » إلى‏ قَولِهِ « عَظِيمًا »۲ فَلَمّا حَدَّثَهُم بِأَعمالِهِمُ الخَبيثَةِ ، قالوا : وَاللَّهِ ما أنزَلَ اللَّهُ عَلَيكَ ولا عَلى‏ موسى‏ وعيسى‏ ولا عَلى‏ بَشَرٍ مِن شَي‏ءٍ، فَنَزَلَت هذِهِ الآيَةُ؛ قالَهُ مُحَمَّدُ بنُ كَعبٍ.
وَالرّابِعُ : أنَّها نَزَلَت فِي اليَهودِ وَالنَّصارى‏ ، آتاهُمُ اللَّهُ عِلماً فَلَم يَنتَفِعوا بِهِ؛ قالَهُ قَتادَةُ .
وَالخامِسُ : أنَّها نَزَلَت في فنحاص اليَهودِيِّ ، وهُوَ الَّذي قالَ : « مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى‏ بَشَرٍ مِّن شَىْ‏ءٍ » قالَهُ السُّدِّيُّ .
وَالسّادِسُ : أنَّها نَزَلَت في مُشرِكي قُرَيشٍ ، قالوا : وَاللَّهِ « مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى‏ بَشَرٍ مِّن شَىْ‏ءٍ » رَواهُ ابنُ أبي نَجيحٍ عَن مُجاهِدٍ .
وَ السّابِعُ : أنَّ أوَّلَها إلى‏ قَولِهِ « مِّن شَىْ‏ءٍ » في مُشرِكي قُرَيشٍ ، وقَولَهُ تَعالى‏ : « مَنْ أَنزَلَ الْكِتَبَ الَّذِى جَاءَ بِهِ مُوسَى‏ » فِي اليَهودِ ، رَواهُ ابنُ كَثيرٍ عَن مُجاهِدٍ .۳

۵۲۵. الإمام الباقر عليه السلام وجماعة من المفسّرين : إنَّ امرَأَةً مِن خَيبَرَ ذاتَ شَرَفٍ بَينَهُم زَنَت مَعَ رَجُلٍ مِن أشرافِهِم وهُما مُحصَنانِ ، فَكَرِهوا رَجمَهُما ، فَأَرسَلوا إلى‏ يَهودِ المَدينَةِ وكَتَبوا إلَيهِم أن يَسأَلُوا النَّبِيَّ عَن ذلِكَ ، طَمَعاً في أن يَأتِيَ لَهُم بِرُخصَةٍ ، فَانطَلَقَ قَومٌ

1.الأنعام : ۹۱

2.النساء : ۱۵۳ - ۱۵۶ .

3.زاد المسير : ج ۳ ص ۵۶ .

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27817
صفحه از 616
پرینت  ارسال به