489
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

ما عَرَفُوا ابتَلاهُمُ اللَّهُ بِذلِكَ فَسَلَبَهُم روحَ الإِيمانِ ، وأسكَنَ أبدانَهُم ثَلاثَةَ أرواحٍ : روحَ القُوَّةِ ، وروحَ الشَّهوَةِ ، وروحَ البَدَنِ ، ثُمَّ أضافَهُم إلَى الأَنعامِ فَقالَ : « إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَمِ »۱ لِأَنَّ الدّابَّةَ إنَّما تَحمِلُ بِروحِ القُوَّةِ ، وتَعتَلِفُ بِروحِ الشَّهوَةِ ، وتَسيرُ بِروحِ البَدَنِ .۲

۵۰۸. الإمام الصادق عليه السلام : هذِهِ الآيَةُ نَزَلَت فِي اليَهودِ وَالنَّصارى‏ ، يَقولُ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالى‏ : « الَّذِينَ ءَاتَيْنَهُمُ الْكِتَبَ » يَعني التَّوراةَ وَالإِنجيلَ « يَعْرِفُونَهُ » يَعني رَسولَ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله « كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ » لِأَنَّ اللَّهَ عزّ و جلّ قَد أنزَلَ عَلَيهِم فِي التَّوراةِ وَالزَّبورِ وَالإِنجيلِ صِفَةَ مُحَمَّدٍ صلى اللّه عليه و آله وصِفَةَ أصحابِهِ ومَبعَثَهُ وهِجرَتَهُ ، وهُوَ قَولُهُ : « مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَلهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَ نًا سِيمَاهُمْ فِى وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَ لِكَ مَثَلُهُمْ فِى التَّوْرَلةِ وَ مَثَلُهُمْ فِى الْإِنجِيلِ »۳ هذِهِ صِفَةُ رَسولِ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله وأصحابِهِ فِي التَّوراةِ وَالإِنجيلِ ، فَلَمّا بَعَثَهُ اللَّهُ عَرَفَهُ أهلُ الكِتابِ كَما قالَ جَلَّ جَلالُهُ : « فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ » .
فَكانَتِ اليَهودُ يَقولونَ لِلعَرَبِ قَبلَ مَجي‏ءِ النَّبِيِّ: أيُّهَا العَرَبُ ! هذا أوانُ نَبِيٍّ يَخرُجُ بِمَكَّةَ ويَكونُ هِجرَتُهُ بِالمَدينَةِ ، وهُوَ آخِرُ الأَنبِياءِ وأفضَلُهُم ، في عَينَيهِ حُمرَةٌ ، وبَينَ كَتِفَيهِ خاتَمُ النُبُوَّةِ ، يَلبَسُ الشَّملَةَ ، ويَجتَزي بِالكِسرَةِ وَالتُّمَيراتِ ، ويَركَبُ الحِمارَ عُريَةً ، وهُوَ الضَّحوكُ القَتّالُ ، يَضَعُ سَيفَهُ عَلى‏ عاتِقِهِ ولا يُبالي بِمَن لاقى‏ ، يَبلُغُ سُلطانُهُ مُنقَطَعَ الخُفِّ وَالحافِرِ ، ولَيَقتُلَنَّكُمُ اللَّهُ بِهِ يا مَعشَرَ العَرَبِ قَتلَ عادٍ .
فَلَمّا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ بِهذِهِ الصِّفَةِ حَسَدوهُ وكَفَروا بِهِ ، كَما قالَ اللَّهُ « وَ كَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ » .۴

1.الفرقان : ۴۴ .

2.الكافي : ج ۲ ص ۲۸۳ ح ۱۶ ، بصائر الدرجات : ص ۴۵۰ نحوه وكلاهما عن الأصبغ بن نباتة ، تحف العقول : ص ۱۹۰ ، بحار الأنوار : ج ۶۹ ص ۱۸۰ ح ۳ .

3.الفتح : ۲۹ .

4.تفسير القمّي : ج ۱ ص ۳۲ عن حريز ، بحار الأنوار: ج ۷۲ ص ۹۲ ح ۲ .


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
488

« وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَبَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ » .۱

« يَأَهْلَ الْكِتَبِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ » .۲

« وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى‏ بَشَرٍ مِّن شَىْ‏ءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَبَ الَّذِى جَاءَ بِهِ مُوسَى‏ نُورًا وَهُدىً لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلَا ءَابَآؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِى خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ » .۳

« يَأَهْلَ الْكِتَبِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَبِ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَ كِتَبٌ مُّبِينٌ » .۴

الحديث‏

۵۰۶. تفسير الطبري عن السدّي : وإنَّما اُنزِلَت هذِهِ الآيَةُ۵ مِن أجلِ أنَّ النَّبِيَّ صلى اللّه عليه و آله لَمّا حُوِّلَ إلَى الكَعبَةِ قالَتِ اليَهودُ : إنَّ مُحَمَّداً اشتاقَ إلى‏ بَلَدِ أبيهِ ومَولِدِهِ ، ولَو ثَبَتَ عَلى‏ قِبلَتِنا لَكُنّا نَرجو أن يَكونَ هُوَ صاحِبَنَا الَّذي نَنتَظِرُ ، فَأَنزَلَ اللَّهُ عزّ و جلّ فيهِم : « وَ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَبَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ » إلى‏ قَولِهِ : « لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ »۶ .۷

۵۰۷. الإمام عليّ عليه السلام : أمّا أصحابُ المَشأَمَةِ فَهُمُ اليَهودُ وَالنَّصارى‏ ، يَقولُ اللَّهُ عزّ و جلّ : « الَّذِينَ ءَاتَيْنَهُمُ الْكِتَبَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ » يَعرِفونَ مُحَمَّداً وَالوِلايَةَ فِي التَّوراةِ وَالإِنجيلِ كَما يَعرِفونَ أبناءَهُم في مَنازِلِهِم « وَ إِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ * الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ » أنَّكَ الرَّسولُ إلَيهِم « فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ »۸ فَلَمّا جَحَدوا

1.آل عمران : ۱۸۷ .

2.آل عمران : ۷۱ .

3.الأنعام : ۹۱ .

4.المائدة : ۱۵ .

5.إشارة إلى الآية : « وَ مَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ » (البقرة : ۱۴۵) .

6.البقرة : ۱۴۴ - ۱۴۶ .

7.تفسير الطبري : ج ۲ الجزء ۲ ص ۲۵ ، الدرّ المنثور : ج ۱ ص ۳۴۵ .

8.البقرة : ۱۴۶ و ۱۴۷ .

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27945
صفحه از 616
پرینت  ارسال به