477
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

الْكَفِرِينَ » .۱

۴۹۲. الإمام العسكريّ عليه السلام - فِي التَّفسيرِ المَنسوبِ إلَيهِ - : ذَمَّ اللَّهُ تَعالَى اليَهودَ فَقالَ « وَ لَمَّا جَاءَهُمْ » يَعني هؤلاءِ اليَهودَ - الَّذينَ تَقَدَّمَ ذِكرُهُم - وإخوانَهُم مِنَ اليَهودِ ، جاءَهُم « كِتَبٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ » القُرآنُ « مُصَدِّقٌ » ذلِكَ الكِتابُ « لِمَا مَعَهُمْ » مِنَ التَّوراةِ الَّتي بَيَّنَ فيها أنَّ مُحَمَّداً الاُمِّيَّ مِن وُلدِ إسماعيلَ ، المُؤَيَّدَ بِخَيرِ خَلقِ اللَّهِ بَعدَهُ ، عَلِيٍّ وَلِيِّ اللَّهِ ، « وَ كَانُوا » يَعني هؤُلاءِ اليَهودُ « مِن قَبْلُ » ظُهورِ مُحَمَّدٍ صلى اللّه عليه و آله بِالرِّسالَةِ « يَسْتَفْتِحُونَ » يَسأَلونَ اللَّهَ الفَتحَ وَالظَّفَرَ « عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا » مِن أعدائِهِم وَالمُناوينَ‏۲ لَهُم ، فَكانَ اللَّهُ يَفتَحُ لَهُم ويَنصُرُهُم .
قالَ اللَّهُ تَعالى‏ : « فَلَمَّا جَاءَهُم » جاءَ هؤُلاءِ اليَهودَ « ما عَرَفُوا » مِن نَعتِ مُحَمَّدٍ صلى اللّه عليه و آله وصِفَتِهِ « كَفَرُواْ بِهِ » وجَحَدوا نُبُوَّتَهُ حَسَداً لَهُ وبَغياً عَلَيهِ .۳

۴۹۳. عنه عليه السلام - فِي التَّفسيرِ المَنسوبِ إلَيهِ - : قالَ اللَّهُ عزّ و جلّ لِليَهودِ : « وَ ءَامِنُواْ » أيُّهَا اليَهودُ « بِمَا أَنزَلْتُ » عَلى‏ مُحَمَّدٍ نَبِيّي مِن ذِكرِ نُبُوَّتِهِ ، وإنباءِ إمامَةِ أخيهِ عَلِيٍّ عليه السلام وعِترَتِهِ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ « مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُمْ » فَإِنَّ مِثلَ هذَا الذِّكرِ في كِتابِكُم أنَّ مُحَمَّداً النَّبِيَّ سَيِّدُ الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ ، المُؤَيَّدُ بِسَيِّدِ الوَصِيّينَ وخَليفَةِ رَسولِ رَبِّ العالَمينَ ، فاروقِ هذِهِ الاُمَّةِ ، وبابِ مَدينَةِ الحِكمَةِ ، ووَصِيِّ رَسولِ رَبِّ الرَّحمَةِ . « وَ لَا تَشْتَرُواْ بَِايَتِى » المُنزَلَةِ لِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صلى اللّه عليه و آله ، وإمامَةِ عَلِيٍّ عليه السلام ، وَالطَّيِّبينَ مِن عِترَتِهِ « ثَمَنًا قَلِيلاً » بِأَن تَجحَدوا نُبُوَّةَ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صلى اللّه عليه و آله وإمامَةَ الإِمامِ عَلِيٍّ عليه السلام وآلِهِما ، وتَعتاضوا عَنها عَرَضَ الدُّنيا ؛ فَإِنَّ ذلِكَ وإن كَثُرَ فَإِلى‏ نَفادٍ وخَسارٍ وبَوارٍ .
ثُمَّ قالَ اللَّهُ عزّ و جلّ : « وَ إِيَّىَ فَاتَّقُونِ »۴ في كِتمانِ أمرِ مُحَمَّدٍ صلى اللّه عليه و آله وأمرِ وَصِيَّهِ عليه السلام ؛ فَإِنَّكُم

1.الكافي : ج ۸ ص ۳۰۸ ح ۴۸۱ ، تفسير العيّاشي : ج ۱ ص ۴۹ ح ۶۹ ، مجمع البيان : ج ۱ ص ۳۱۰ كلّها عن أبي بصير ، بحار الأنوار: ج ۱۵ ص ۲۲۵ ح ۴۹ .

2.ناواهُ : أي عاداه (الصحاح : ج ۶ ص ۲۵۱۷ «نوى») .

3.التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام : ص ۳۹۳ ح ۲۶۸ ، بحار الأنوار: ج ۹ ص ۱۸۱ ح ۹ .

4.البقرة : ۴۱ .


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
476

۴۹۱. عنه عليه السلام - في قَولِ اللَّهِ عزّ و جلّ : « وَ كَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ » - : كانَتِ اليَهودُ تَجِدُ في كُتُبِها أنَّ مُهاجَرَ مُحَمَّدٍ صلى اللّه عليه و آله ما بَينَ عَيرٍ۱ واُحُدٍ ، فَخَرَجوا يَطلُبونَ المَوضِعَ ، فَمَرّوا بِجَبَلٍ يُسَمّى‏ حَدادَ ، فَقالوا : حَدادُ واُحُدٌ سَواءٌ ، فَتَفَرَّقوا عِندَهُ ، فَنَزَلَ بَعضُهُم بِتَيماءَ وبَعضُهُم بِفَدَكَ وبَعضُهُم بِخَيبَرَ فَاشتاقَ الَّذينَ بِتَيماءَ إلى‏ بَعضِ إخوانِهِم ، فَمَرَّ بِهِم أعرابِيٌّ مِن قَيسٍ فَتَكارَوا مِنهُ ، وقالَ لَهُم : أمُرُّ بِكُم ما بَينَ عَيرٍ واُحُدٍ ، فَقالوا لَهُ : إذا مَرَرتَ بِهِما فَآذِنّا بِهِما۲ ، فَلَمّا تَوَسَّطَ بِهِم أرضَ المَدينَةِ ، قالَ لَهُم : ذاكَ عَيرٌ وهذا اُحُدٌ .
فَنَزَلوا عَن ظَهرِ إبِلِهِ ، وقالوا : قَد أصَبنا بُغيَتَنا فَلا حاجَةَ لَنا في إبِلِكَ ، فَاذهَب حَيثُ شِئتَ ، وكَتَبوا إلى‏ إخوانِهِمُ الَّذينَ بِفَدَكَ وخَيبَرَ : إنّا قَد أصَبنَا المَوضِعَ فَهَلُمّوا إلَينا ، فَكَتَبوا إلَيهِم : إنّا قَدِ استَقَرَّت بِنَا الدّارُ وَاتَّخَذنَا الأَموالَ ، وما أقرَبَنا مِنكُم ! فَإِذا كانَ ذلِكَ فَما أسرَعَنا إلَيكُم !
فَاتَّخَذوا بِأَرضِ المَدينَةِ الأَموالَ ، فَلَمّا كَثُرَت أموالُهُم بَلَغَ تُبَّعَ‏۳ فَغَزاهُم فَتَحَصَّنوا مِنهُ فَحاصَرَهُم ، وكانوا يَرِقّونَ لِضُعَفاءِ أصحابِ تُبَّعَ ، فَيُلقونَ إلَيهِم بِاللَّيلِ التَّمرَ وَالشَّعيرَ ، فَبَلَغَ ذلِكَ تُبَّعَ فَرَقَّ لَهُم وآمَنَهُم ، فَنَزَلوا إلَيهِ ، فَقالَ لَهُم : إنّي قَدِ استَطَبتُ بِلادَكُم ، ولا أراني إلّا مُقيماً فيكُم ، فَقالوا لَهُ : إنَّهُ لَيسَ ذلِكَ لَكَ ، إنَّها مُهاجَرُ نَبِيٍّ ولَيسَ ذلِكَ لِأَحَدٍ حَتّى‏ يَكونَ ذلِكَ .
فَقالَ لَهُم : إنّي مُخَلِّفٌ فيكُم مِن اُسرَتي مَن إذا كانَ ذلِكَ ساعَدَهُ ونَصَرَهُ ، فَخَلَّفَ حَيَّينِ: الأَوسَ وَالخَزرَجَ ، فَلَمّا كَثُروا بِها كانوا يَتَناولونَ أموالَ اليَهودِ ، وكانَتِ اليَهودُ تَقولُ لَهُم : أما لَو قَد بُعِثَ مُحَمَّدٌ لَيُخرِجَنَّكُم مِن دِيارِنا وأموالِنا ، فَلَمّا بَعَثَ اللَّهُ عزّ و جلّ مُحَمَّداً صلى اللّه عليه و آله آمَنَت بِهِ الأَنصارُ وكَفَرَت بِهِ اليَهودُ ، وهُوَ قَولُ اللَّهِ عزّ و جلّ : « وَ كَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى

1.عَيْر : جبل بالمدينة (معجم البلدان : ج ۴ ص ۱۷۲) .

2.أي أعلمنا وخبّرنا ؛ من آذَنتُهُ إذا أعلَمتُهُ (اُنظر: المصباح المنير : ص ۱۰ «أذن») .

3.تُبَّع : من ملوك حِمْيرَ ، سُمّي تُبَّعاً لكثرة أتباعه (مجمع البحرين : ج ۱ ص ۲۱۶ «تبع») .

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27912
صفحه از 616
پرینت  ارسال به