475
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

۴۸۹. الإمام الصادق عليه السلام - في قَولِهِ تَعالى‏ : « وَ كَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ » - : كانَ قَومٌ فيما بَينَ مُحَمَّدٍ وعيسى‏ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِما وكانوا يَتَوَعَّدونَ أهلَ الأَصنامِ بِالنَّبِيِّ صلى اللّه عليه و آله ويَقولونَ : لَيَخرُجَنَّ نَبِيِّ فَلَيُكَسِّرَنَّ أصنامَكُم ، ولَيَفعَلَنَّ بِكُم ولَيَفعَلَنَّ ، فَلَمّا خَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله كَفَروا بِهِ .۱

۴۹۰. عنه عليه السلام : هذِهِ الآيَةُ نَزَلَت فِي اليَهودِ وَالنَّصارى‏ ، يَقولُ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالى‏ : « الَّذِينَ ءَاتَيْنَهُمُ الْكِتَبَ » يَعنِي التَّوراةَ وَالإِنجيلَ « يَعْرِفُونَهُ » يَعني رَسولَ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله « كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ »۲لِأَنَّ اللَّهَ عزّ و جلّ قَد أنزَلَ عَلَيهِم فِي التَّوراةِ وَالزَّبورِ وَالإِنجيلِ صِفَةَ مُحَمَّدٍ صلى اللّه عليه و آله ، وصِفَةَ أصحابِهِ ومَبعَثَهُ وهِجرَتَهُ ، وهُوَ قَولُهُ : « مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَلهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَ نًا سِيمَاهُمْ فِى وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَ لِكَ مَثَلُهُمْ فِى التَّوْرَلةِ وَ مَثَلُهُمْ فِى الْإِنجِيلِ »۳ هذِهِ صِفَةُ رَسولِ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله وأصحابِهِ فِي التَّوراةِ وَالإِنجيلِ ، فَلَمّا بَعَثَهُ اللَّهُ عَرَفَهُ أهلُ الكِتابِ ، كَما قالَ جَلَّ جَلالُهُ : « فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ » .
فَكانَتِ اليَهودُ يَقولونَ لِلعَرَبِ قَبلَ مَجي‏ءِ النَّبِيِّ : أيُّهَا العَرَبُ ! هذا أوانُ نَبِيٍّ يَخرُجُ بِمَكَّةَ ويَكونُ هِجرَتُهُ بِالمَدينَةِ ، وهُوَ آخِرُ الأَنبِياءِ وأفضَلُهُم ، في عَينَيهِ حُمرَةٌ وبَينَ كَتِفَيهِ خاتَمُ النُّبُوَّةِ ، يَلبَسُ الشَّملَةَ۴ويَجتَزي بِالكِسرَةِ وَالتُّمَيراتِ ، ويَركَبُ الحِمارَ عُريَةً۵ ، وهُوَ الضَّحوكَ القَتّالُ ، يَضَعُ سَيفَهُ عَلى‏ عاتِقِهِ ولا يُبالي بِمَن لاقى‏ ، يَبلُغُ سُلطانُهُ مُنقَطَعَ الخُفِّ وَالحافِرِ ، ولَيَقتُلَنَّكُمُ اللَّهُ بِهِ يا مَعشَرَ العَرَبِ قَتلَ عادٍ .
فَلَمّا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ بِهذِهِ الصِّفَةِ حَسَدوهُ وكَفُروا بِهِ ، كَما قالَ اللَّهُ : « وَ كَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ » .۶

1.الكافي : ج ۸ ص ۳۱۰ ح ۴۸۲ عن إسحاق بن عمّار ، بحار الأنوار: ج ۱۵ ص ۲۳۱ ح ۵۳ .

2.البقرة : ۱۴۶ .

3.الفتح : ۲۹ .

4.الشَّمْلَةُ : كساء صغير يؤتزر به (المصباح المنير : ص ۳۲۳ «شمل») .

5.عَرِي من ثيابه عُريْاً وعُرْيَةً : تجرّد ، والفَرَسُ : لم يكن عليه سرج (المعجم الوسيط : ج ۲ ص ۵۹۷ «عري») .

6.تفسير القمّي : ج ۱ ص ۳۲ عن حريز ، بحار الأنوار : ج ۷۲ ص ۹۲ ح ۲ .


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
474

وذلِكَ أنَّ المَطَرَ أتاهُم في غَيرِ أوانِهِ ، في حَمّارَةِ القَيظِ۱ حينَ لا يَكونُ مَطَرٌ ، فَقالَ الباقونَ مِنَ العَساكِرِ : هَبكُم سُقيتُم ، فَمِن أينَ تَأكُلونَ؟ ولَئِنِ انصَرَفَ عَنكُم هؤُلاءِ فَلَسنا نَنصَرِفُ حَتّى‏ نَقهَرَكُم عَلى‏ أنفُسِكُم وعِيالاتِكُم وأهاليكُم وأموالِكُم ، ونَشفي غَيظَنا مِنكُم .
فَقالَتِ اليَهودُ : إنَّ الَّذي سَقانا بِدُعائِنا بِمُحَمَّدٍ وآلِهِ قادِرٌ عَلى‏ أن يُطعِمَنا ، وإنَّ الَّذي صَرَفَ عَنّا مَن صَرَفَهُ قادِرٌ عَلى‏ أن يَصرِفَ الباقينَ . ثُمَّ دَعَوُا اللَّهَ بِمُحَمَّدٍ وآلِهِ أن يُطعِمَهُم ، فَجاءَت قافِلَةٌ عَظيمَةٌ مِن قَوافِلِ الطَّعامِ قَدرَ ألفَي جَمَلٍ وبَغلٍ وحِمارٍ موقَرَةً حِنطَةً ودَقيقاً ، وهُم لا يَشعُرونَ بِالعَساكِرِ ، فَانتَهَوا إلَيهِم وهُم نِيامٌ ، ولَم يَشعُروا بِهِم ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعالى‏ ثَقَّلَ نَومَهُم حَتّى‏ دَخَلُوا القَريَةَ ولَم يَمنَعوهُم ، وطَرَحوا فيها أمتِعَتَهُم وباعوها مِنهُم فَانصَرَفوا وأبعَدوا ، وتَرَكُوا العَساكِرَ نائِمَةً لَيسَ في أهلِها عَينٌ تَطرِفُ ، فَلَمّا أبعَدُوا انتَبَهوا ، ونابَذُوا اليَهودَ الحَربَ ، وجَعَلَ يَقولُ بَعضُهُم لِبَعضٍ: الوَحا۲ الوَحا ؛ فَإِنَّ هؤُلاءِ اِشتَدَّ بِهِمُ الجوعُ وسَيَذِلّونَ لَنا .
قالَ لَهُمُ اليَهودُ : هَيهاتَ بَل قَد أطعَمَنا رَبُّنا وكُنتُم نِياماً ، جاءَنا مِنَ الطَّعامِ كَذا وكَذا ، ولَو أرَدنا قِتالَكُم في حالِ نَومِكُم لَتَهَيَّأَ لَنا ولكِنّا كَرِهنا البَغيَ عَلَيكُم ، فَانصَرِفوا عَنّا وإلّا دَعَونا عَلَيكُم بِمُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وَاستَنصَرنا بِهِم أن يُخزِيَكُم كَما قَد أطعَمَنا وأسقانا . فَأَبَوا إلّا طُغياناً ، فَدَعَوُا اللَّهَ بِمُحَمَّدٍ وآلِهِ وَاستَنصَروا بِهِم .
ثُمَّ بَرَزَ الثَّلاثُمِئَةٍ إلَى النّاسِ لِلِّقاءِ فَقَتَلوا مِنهُم وأسَروا ، وطَحطَحوهُم‏۳ وَاستَوثَقوا
مِنهُم بِاُسرائِهِم ، فَكانوا لا يَنداهُم مَكروهٌ مِن جِهَتِهِم لِخَوفِهِم عَلى‏ مَن لَهُم في أيدِي اليَهودِ . فَلَمّا ظَهَرَ مُحَمَّدٌ صلى اللّه عليه و آله حَسَدوهُ إذ كانَ مِنَ العَرَبِ ، فَكَذَّبوهُ .۴

1.حمّارة القيظ : أي شِدَّةُ الحرّ (النهاية : ج ۱ ص ۴۳۹ «حمر») .

2.الوحاء الوحاء : يعني البدار البدار ، ويعني : الإسراع (لسان العرب : ج ۱۵ ص ۳۸۲ «وحى») .

3.طَحْطَحْتُ الشي‏ء : كسرته وفرّقته (الصحاح : ج ۱ ص ۳۸۶ «طحح») .

4.التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام : ص ۳۹۳ ح ۲۶۹ ، بحار الأنوار: ج ۹۴ ص ۱۰ ح ۱۱ .

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27946
صفحه از 616
پرینت  ارسال به