473
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

يَفعَلونَ ذلِكَ ، حَتّى‏ كانَتِ اليَهودُ مِن أهلِ المَدينَةِ قَبلَ ظُهورِ مُحَمَّدٍ صلى اللّه عليه و آله بِسِنينَ كَثيرَةٍ يَفعَلونَ ذلِكَ ، فَيُكفَونَ البَلاءَ وَالدَّهماءَ وَالدّاهِيَةَ .
وكانَتِ اليَهودُ قَبلَ ظُهورِ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ صلى اللّه عليه و آله بِعَشرِ سِنينَ يُعاديهِم أسَدٌ وغَطَفانُ - قَومٌ مِنَ المُشرِكينَ - ويَقصِدونَ أذاهُم ، وكانوا يَستَدفِعونَ شُرورَهُم وبَلاءَهُم بِسُؤالِهِم رَبَّهُم بِمُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَّيِّبينَ ، حَتّى‏ قَصَدَهُم في بَعضِ الأَوقاتِ أسَدٌ وغَطَفانُ في ثَلاثَةِ آلافِ فارِسٍ إلى‏ بَعضِ قُرَى اليَهودِ حَوالَيِ المَدينَةِ ، فَتَلَقّاهُمُ اليَهودُ وهُم ثَلاثُمِئَةِ فارِسٍ ، ودَعَوُا اللَّهَ بِمُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ فَهَزَموهُم وقَطَعوهُم .
فَقالَ أسَدٌ وغَطَفانُ بَعضُهُما لِبَعضٍ : تَعالَوا نَستَعينُ عَلَيهِم بِسائِرِ القَبائِلِ ، فَاستَعانوا عَلَيهِم بِالقَبائِلِ وأكثَروا حَتّى‏ اجتَمَعوا قَدرَ ثَلاثينَ ألفاً ، وقَصَدوا هؤُلاءِ الثَّلاثَمِئَةٍ في قَريَتِهِم ، فَأَلجَؤوهُم إلى‏ بُيوتِها ، وقَطَعوا عَنهَا المِياهَ الجارِيَةَ الَّتي كانَت تَدخُلُ إلى‏ قُراهُم ، ومَنَعوا عَنهُمُ الطَّعامَ ، وَاستَأمَنَ اليَهودُ مِنهُم فَلَم يُؤَمِّنوهُم ، وقالوا : لا ، إلّا أن نَقتُلَكُم ونَسبِيَكُم ونَنهَبَكُم .
فَقالَتِ اليَهودُ بَعضُها لِبَعضٍ : كَيفَ نَصنَعُ؟ فَقالَ لَهُم أماثِلُهُم‏۱ وذَوُو الرَّأيِ مِنهُم : أما أمَرَ موسى‏ عليه السلام أسلافَكُم ومَن بَعدَهُم بِالاِستِنصارِ بِمُحَمَّدٍ وآلِهِ؟ أما أمَرَكُم بِالاِبتِهالِ إلَى اللَّهِ تَعالى‏ عِندَ الشَّدائِدِ بِهِم؟ قالوا : بَلى‏. قالوا : فَافعَلوا ، فَقالوا : اللَّهُمَّ بِجاهِ مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَّيِّبينَ لَمّا سَقَيتَنا ؛ فَقَد قَطَعَتِ الظَّلَمَةُ عَنَّا المِياهَ حَتّى‏ ضَعُفَ شُبّانُنا ، وتَماوَتَ وِلدانُنا ، وأشرَفنا عَلَى الهَلَكَةِ . فَبَعَثَ اللَّهُ تَعالى‏ لَهُم وابِلاً هَطلاً۲سَحّاً۳ ، مَلَأَ۴ حِياضَهُم وآبارَهُم وأنهارَهُم وأوعِيَتَهُم وظُروفَهُم ، فَقالوا : هذِهِ إحدَى الحُسنَيَينِ .
ثُمَّ أشرَفوا مِن سُطوحِهِم عَلَى العَساكِرِ المُحيطَةِ بِهِم ، فَإِذا المَطَرُ قَد آذاهُم غايَةَ الأَذى‏ ، وأفسَدَ عَلَيهِم أمتِعَتَهُم وأسلِحَتَهُم وأموالَهُم . فَانصَرَفَ عَنهُم لِذلِكَ بَعضُهُم ،

1.أماثِلُ الناس : خيارهم (النهاية : ج ۴ ص ۲۹۶ «مثل») .

2.الوابِلُ : المطر الشديد . والهَطل : تتابع المطر. ومَطَرٌ هَطلٌ : كثير الهَطَلان (الصحاح : ج ۵ ص ۱۸۴۰ «وبل») .

3.سحَّ الماءَ : صبّه صبّاً متتابعاً كثيراً (لسان العرب : ج ۲ ص ۴۷۶ «سحح») .

4.في المصدر : «أملا» ، والتصويب من بحار الأنوار .


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
472

صُحُفِ إبراهيمَ: الماحي ، وفي تَوراةِ موسى‏ : الحادُّ ، وفي إنجيلِ عيسى‏ : أحمَدُ ، وفِي الفُرقانِ : محُمَّدٌ .
قيلَ : فَما تَأويلُ الماحي؟ فَقالَ : الماحي صورَةَ الأَصنامِ ، وماحِي الأَوثانِ وَالأَزلامِ وكُلِّ مَعبودٍ دونَ الرَّحمنِ .
وقيلَ : فَما تَأويلُ الحادِّ؟ قالَ : يُحادُّ مَن حادَّ اللَّهَ ودينَهُ قَريباً كانَ أو بَعيداً .
قيلَ : فَما تأويلُ أحمَدَ؟ قالَ : حَسُنَ ثَناءُ اللَّهِ عزّ و جلّ عَلَيهِ فِي الكُتُبِ بِما حُمِدَ مِن أفعالِهِ .
قيلَ : فَما تَأويلُ مُحَمَّدٍ؟ قالَ : إنَّ اللَّهَ ومَلائِكَتَهُ وجَميعَ أنبِيائِهِ ورُسُلِهِ وجَميعَ اُمَمِهِم يَحمَدونَهُ ويُصَلّونَ عَلَيهِ .۱

۴۸۷. الإمام الباقر عليه السلام - في قَولِهِ تَعالى‏ : « وَ لَا تَشْتَرُواْ بَِايَتِى ثَمَنًا قَلِيلاً » - : كانَ لِحُيَيِ‏۲ بنِ أخطَبَ وكَعبِ بنِ أشرَفَ وآخَرينَ مِنهُم مَأكَلَةٌ عَلى‏ يَهودَ في كُلِّ سَنَةٍ ، وكَرِهوا بُطلانَها بِأَمرِ النَّبِيِّ صلى اللّه عليه و آله ، فَحَرَّفوا لِذلِكَ آياتٍ مِنَ التَّوراةِ فيها صِفَتُهُ وذِكرُهُ ، فَذلِكَ الثَّمَنُ القَليلُ الَّذي اُريدَ بِهِ فِي الآيَةِ .۳

۴۸۸. التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عن الإمام عليّ عليهما السلام : إنَّ اللَّهَ تَعالى‏ أخبَرَ رَسولَهُ بِما كانَ مِن إيمانِ اليَهودِ بِمُحَمَّدٍ صلى اللّه عليه و آله قَبلَ ظُهورِهِ ، ومِنِ استِفتاحِهِم عَلى‏ أعدائِهِم بِذِكرِهِ ، وَالصَّلاةِ عَلَيهِ وعَلى‏ آلِهِ .
وكانَ اللَّهُ عزّ وجلّ أمَرَ اليَهودَ في أيّامِ موسى‏ وبَعدَهُ إذا دَهَمَهُم‏۴ أمرٌ ودَهَتهُم داهِيَةٌ۵ ، أن يَدعُوا اللَّهَ عزّ وجلّ بِمُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَّيِّبينَ ، وأن يَستَنصِروا بِهِم ، وكانوا

1.كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ۴ ص ۱۷۷ ح ۵۴۰۳ ، الأمالي للصدوق : ص ۱۲۹ ح ۱۱۷ ، بحار الأنوار: ج ۱۱ ص ۳۹ ح ۳۸ .

2.في المصدر : «ليحيى» ، والتصويب من مجمع البيان وبحار الأنوار .

3.التبيان في تفسير القرآن : ج ۱ ص ۱۸۸ ، مجمع البيان : ج ۱ ص ۲۱۰ وليس فيه «القليل» ، بحار الأنوار: ج ۹ ص ۶۴ .

4.يدهمهم : يفجؤهم (لسان العرب : ج ۱۲ ص ۲۱۲ «دهم») .

5.الداهية : النائبة العظيمة النازلة (مجمع البحرين : ج ۱ ص ۶۱۷ «دهى») .

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27944
صفحه از 616
پرینت  ارسال به