465
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

لازِمَةٍ ، أو مَحَجَّةٍ۱ قائِمَةٍ؛ رُسُلٌ لا تُقَصِّرُ بِهِم قِلَّةُ عَدَدِهِم ، ولا كَثرَةُ المُكَذِّبينَ لَهُم ، مِن سابِقٍ سُمِّيَ لَهُ مَن بَعدَهُ ، أو غابِرٍ عَرَّفَهُ مَن قَبلَهُ ، عَلى‏ ذلِكَ نَسَلَتِ القُرونُ ، ومَضَتِ الدُّهورُ ، وسَلَفَتِ الآباءُ ، وخَلَفَتِ الأَبناءُ .۲

۴۶۸. عنه عليه السلام : إنَّ يَهودِيّاً كانَ يُقالُ لَهُ جُرَيجِرَةُ ، كانَ لَهُ عَلى‏ رَسولِ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله دَنانيرُ ، فَتَقاضَى النَّبِيَّ صلى اللّه عليه و آله ، فَقالَ لَهُ : يا يَهودِيُّ ما عِندي ما اُعطيكَ ، قالَ : فَإِنّي لا اُفارِقُكَ يا مُحَمَّدُ حَتّى‏ تُعطِيَني ، فَقالَ صلى اللّه عليه و آله : إذاً أجلِسُ مَعَكَ فَجَلَسَ مَعَهُ . فَصَلّى‏ رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله في ذلِكَ المَوضِعِ الظُّهرَ وَالعَصرَ وَالمَغرِبَ وَالعِشاءَ الآخِرَةَ وَالغَداةَ ، وكانَ أصحابُ رَسولِ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله يَتَهَدَّدونَهُ ويَتَوَعَّدونَهُ ، فَفَطِنَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله ، فَقالَ : مَا الَّذي تَصنَعونَ بِهِ؟
فَقالوا : يا رَسولَ اللَّهِ ، يَهودِيٌّ يَحبِسُكَ؟! فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله : مَنَعَني رَبّي أن أظلِمَ مُعاهَداً۳ ولا غَيرَهُ .
فَلَمّا تَرَحَّلَ النَّهارُ ، قالَ اليَهودِيُّ : أشهَدُ أن لا إلهَ إلَّا اللَّهُ ، وأشهَدُ أن مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسولُهُ ، وقالَ : شَطرُ مالي في سَبيلِ اللَّهِ ، أما وَاللَّهِ ، ما فَعَلتُ الَّذي فَعَلتُ بِكَ إلّا لِأَنظُرَ إلى‏ نَعتِكَ فِي التَّوراةِ ، مُحَمَّدُ بنُ عَبدِاللَّهِ ، مَولِدُهُ بِمَكَّةَ ومُهاجَرُهُ بِطَيبَةَ... ، لَيسَ بِفَظٍّ ولا غَليظٍ ، ولا سَخّابٍ فِي الأَسواقِ ، ولا مُتَزَيٍّ بِالفُحشِ ولا قَولِ الخَنا۴ ، أشهَدُ أن لا إلهَ إلَّا اللَّهُ ، وأنَّكَ رَسولُ اللَّهِ ، هذا مالي فَاحكُم فيهِ بِما أراكَ اللَّهُ ، وكانَ اليَهودِيُّ كَثيرَ المالِ .۵

1.المَحَجّة : الطريق ، وقيل : جادّة الطريق (لسان العرب : ج ۲ ص ۲۲۸ «حجج») .

2.نهج البلاغة : الخطبة ۱ ، الصراط المستقيم : ج ۱ ص ۱۱۳ وفيه صدره إلى «محجّة قائمة» فقط ، بحار الأنوار: ج ۱۱ ص ۶۱ ح ۷۰ .

3.المُعاهَدُ : الذمّي . وأهل العهد: أهل الذِمّة ، فإذا أسلموا سقط عنهم اسم العهد (لسان العرب : ج ۳ ص ۳۱۲ «عهد») .

4.الخَنَا : الفُحشُ (الصحاح : ج ۶ ص ۲۳۳۲ «خنا») .

5.المستدرك على الصحيحين : ج ۲ ص ۶۷۸ ح ۴۲۴۲ ، تاريخ دمشق : ج ۱ ص ۱۸۴ ، دلائل النبوّة للبيهقي : ج ۶ ص ۲۸۰ كلّها عن إسماعيل بن موسى عن أبيه الإمام الكاظم عن آبائه عليهم السلام ، كنز العمّال : ج ۱۲ ص ۴۰۷ ح ۳۵۴۴۳؛ الأمالي للصدوق : ص ۵۵۱ ح ۷۳۷ ، الجعفريّات : ص ۱۸۲ كلاهما عن إسماعيل بن موسى عن أبيه الإمام الكاظم عن آبائه عنه عليهم السلام نحوه ، بحار الأنوار: ج ۱۶ ص ۲۱۶ ح ۵ .


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
464

إلَى المَدينَةِ في حَياةِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله ، فَلَمّا فَرَغتُ مِن بَيعَتي ، قُلتُ : لَأَلقَيَنَّ هذَا الرَّجُلَ ، فَلَأَسمَعَنَّ مِنهُ ، قالَ : فَتَلَقّاني بَينَ أبي بَكرٍ وعُمَرَ يَمشونَ ، فَتَبِعتُهُم في أقفائِهِم حَتّى‏ أتَوا عَلى‏ رَجُلٍ مِنَ اليَهودِ ، ناشِراً التَّوراةَ يَقرَؤُها ، يُعَزّي بِها نَفسَهُ عَلَى ابنٍ لَهُ فِي المَوتِ ، كَأَحسَنِ الفِتيانِ وأجمَلِهِ .
فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله : أنشُدُكَ بِالَّذي أنزَلَ التَّوراةَ ، هَل تَجِدُ في كِتابِكَ ذا صِفَتي ومَخرَجي؟ فَقالَ بِرَأسِهِ هكَذا ؛ أي لا ، فَقالَ ابنُهُ : إي‏۱ وَالَّذي أنزَلَ التَّوراةَ ، إنّا لَنَجِدُ في كِتابِنا صِفَتَكَ ومَخرَجَكَ ، وأشهَدُ أن لا إلهَ إلَّا اللَّهُ ، وأنَّكَ رَسولُ اللَّهِ .
فَقالَ : «أقيمُوا اليَهودِيَ‏۲ عَن أخيكُم» ثُمَّ وَلِيَ كَفنَهُ وحَنَّطَهُ ، وصَلّى‏ عَلَيهِ .۳

۴۶۶. سنن الدارمي عن ابن عبّاس : إنَّهُ سَأَلَ كَعبَ الأَحبارِ : كَيفَ تَجِدُ نَعتَ رَسولِ اللَّه صلى اللّه عليه و آله فِي التَّوراةِ؟
فَقالَ كَعبٌ : نَجِدُهُ مُحَمَّدَ بنَ عَبدِاللَّهِ يولَدُ بِمَكَّةَ ، ويُهاجِرُ إلى‏ طابَةَ۴... ، ولَيسَ بِفَحّاشٍ ، ولا صَخّابٍ فِي الأَسواقِ ، ولا يُكافِئُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ ، ولكِن يَعفو ويَغفِرُ ، اُمَّتُهُ الحَمّادونَ ؛ يَحمَدونَ اللَّهَ في كُلِّ سَرّاءَ وضَرّاءَ ، ويُكَبِّرونَ اللَّهَ عَلى‏ كُلِّ نَجدٍ۵ ، يُوَضِّئونَ أطرافَهُم ، ويَأتَزِرونَ في أوساطِهِم ، يَصُفّونَ في صَلاتِهِم كَما يَصُفّونَ في قِتالِهِم ، دَوِيُّهُم في مَساجِدِهِم كَدَوِيِّ النَّحلِ ، يُسمَعُ‏۶ مُناديهِم في جَوِّ السَّماءِ .۷

۴۶۷. الإمام عليّ عليه السلام : لَم يُخلِ اللَّهُ سُبحانَهُ خَلقَهُ مِن نَبِيٍّ مُرسَلٍ ، أو كِتابٍ مُنزَلٍ ، أو حُجَّةٍ

1.في المصدر : «إنّي» بدل «إي» ، والصواب ما أثبتناه كما في تفسير ابن كثير .

2.في المصدر : «اليهود» بدل «اليهوديّ » ، والصواب ما أثبتناه كما في تفسير ابن كثير .

3.مسند ابن حنبل : ج ۹ ص ۱۲۸ ح ۲۳۵۵۱ ، تفسير ابن كثير : ج ۳ ص ۴۸۱ .

4.طابة : من أسماء مدينة النبيّ صلى اللّه عليه و آله (مجمع البحرين : ج ۲ ص ۲۹ «طيب») .

5.النَّجد : ما ارتفع من الأرض (المصباح المنير : ص ۵۹۳ « نجد » ) .

6.في المصدر : «يستمع» ، والتصويب من المصادر الاُخرى‏ .

7.سنن الدارمي : ج ۱ ص ۱۰ ح ۸ ، الطبقات الكبرى : ج ۱ ص ۳۶۰ وليس فيه ذيله من «اُمّته الحمّادون» ، تاريخ دمشق : ج ۱ ص ۱۸۵ ؛ بحار الأنوار: ج ۶۴ ص ۲۳۹ .

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 32816
صفحه از 616
پرینت  ارسال به