والقرآن قديم حسب المعنى الأوّل، حادث حسب المعنى الثاني. ويقول الشهرستاني في رواية عن الأشعري:
معنى قائم بالنفس سوى العبارة، والعبارة دلالة عليه من الإنسان. فالمتكلّم عنده من قام به الكلام.۱
ويعدّ ما قاله الفاضل القوشجي الأوضح بين الأقوال المختلفة في تفسير الكلام النفسي، حيث قال:۲ان المراد من أن يأمر و ينهى أو ينادي أو يخبر عن شيء أو يسأل ، فانه بحس في داخله بمجموعة من المعانى يعبر عنها بالكلام اللفطي ، والكلام النفسي هو ما يجده في القب ولا يتبدل باختلاف الألسنة والأمكنة ويريد المتكلم ان يستقر في ذهن المسمع عن طريق الكلام الحسي (اللفظي) .۳
يقول العلّامة الطباطبائي في نقد له لتحليل الأشاعرة هذا:
إن اُريد بالكلام النفسي معنى الكلام اللفظي أو صورته العلمية التي تنطبق علي لفظه عاد معناه إلى العلم، ولم يكن أمراً يزيد عليه وصفة مغايرة له، وإن اُريد به معنى وراء ذلك فلسنا نعرفه في نفوسنا إذا راجعناها.۴
ويرى العلّامة الطباطبائي نفسه في تحليل ماهيّة الكلام وحقيقته أنّ الإنسان - باعتباره موجوداً مدنياً بالطبع - هو بصدد إيجاد طرق الارتباط بينه وبين الآخرين، واللغة والكلام هما من جملة هذه الطرق، وكيفية هذا الارتباط هو أن يُحدثَ صوتاً في الفم ويخرج من الحنجرة، وتحصل من تركيب تلك الأجزاء علامات باسم الكلمات، لكلّ منها معنى ومن خلالها يسدّ المتكلّم حاجته إلى نقل مقاصده. ويتّضح - من خلال أخذ هذه المباحث بنظر الاعتبار - أنّ الكلام بالنسبة إلى اللَّه