449
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

والكلام الإلهي، ليس واضحاً بدقّة. ۱

۱. الحدوث والقدم‏

الحدوث يعني أن يسبق شي‏ء مّا بالعدم‏۲، والقدم على العكس منه؛ وهو أن يكون الشي‏ء غير مسبوق بالعدم. وللحدوث والقدم أقسام هي: الزماني، والذاتي، والدهري، وبالحقّ. والقسمان الذاتي والزماني هما المرتبطان بهذا البحث.

وأمّا القدم الذاتي فهو عبارة عن أن يكون وجود الشي‏ء مستنداً إلى ذاته، ولا يكون أيّ سبب له. والحدوث الذاتي: هو أن لا يكون وجود الشي‏ء مستنداً إلى ذاته، بل إلى الغير۳. كما أنّ القدم الزماني يعني أن لا يكون وجود الشي‏ء مسبوقاً من الناحية الزمانية بزمان سابق. والحدوث الزماني يعني: حدوث شي‏ء بعد أن لم يكن موجوداً.

وقد كان أنصار حدوث القرآن يظنّون أنّ القول بقدم القرآن يعني قدمه الذاتي؛ ولأنّهم كانوا يعتبرون اللَّه - تعالى - هو وحده الأزلي والقديم وما عداه حادث ومخلوق، رأوا القرآن حادثاً. وفي المقابل، رأى أنصار قدم القرآن أنّه قديم وأزلي زماني، ولم يتصوّروا عهداً وزماناً لا يوجد القرآن فيه.۴

۲. العلاقة بين الكلام والمتكلّم‏

اختلفت آراء المتكلّمين في دور الكلام باعتباره صفة فعلية أو ذاتية للمتكلّم‏۵، فيرى المعتزلة أنّ الكلام الإلهي هو صفة فعل اللَّه‏۶، فيما يرى الأشاعرة - خلافاً لهم -

1.نهاية الحكمة: ص ۲۸۶ - ۲۸۹.

2.راجع: الميزان في تفسير القرآن: ج ۱۴ ص ۲۴۸.

3.راجع: البيان في تفسير القرآن: ص ۴۰۸ فما بعد.

4.شرح الاُصول الخمسة: ص ۳۵۷ - ۳۶۰.

5.شرح الاُصول الخمسة: ص ۳۶۰؛ نهاية الاُصول: ص ۷۷.

6.الميزان في تفسير القرآن: ج ۱۴ ص ۲۴۹.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
448

ومخلوقاً، وكانوا يعتقدون‏۱ أنّ كلام اللَّه - بما فيه القرآن - هو من أوصاف فعل اللَّه ومخلوق من قبله، ويرون في هذا البحث أنّ الاعتقاد بقرآن قديم غير مخلوق يتنافى مع مفهوم وحدانية اللَّه‏۲، وخلق القرآن يعني في رأيهم أنّ اللَّه لا يتكلّم بالألفاظ، بل يخلق أصوات الكلام بنحو يمكن سماعه من أجل إقامة الارتباط مع المخاطب، وهذه الأصوات تسمّى الكلام مجازاً۳. ويرون ايضاً أنّ القرآن كلام اللَّه وحادث، وكلّ الصفات الحدوثية مجموعة فيه، فالقرآن يتألّف من السور والآيات والكلمات والحروف التي تقرأ وتسمع، وله بداية ونهاية؛ وبناء على ذلك لا يمكن أن يكون أزلياً، إضافة إلي أنّ فيه الناسخ والمنسوخ، والناسخ ينسخ المنسوخ، ولا يجوز أن يتعرّض القديم للنسخ، أو يتّصف الأزلي بالحدوث؛ وعليه فإنّ القرآن مخلوق، وكلام اللَّه مخلوق أيضاً يخلقه عند الحاجة، وهذا الكلام ليس قائماً به، بل خارج عن ذاته، ويخلقه في موضع مّا، ويسمع من هذا الموضع.۴

وفي مقابل هذا الرأي، كان أبو الحسن الأشعري - مؤسّس المذهب الكلامي الأشعري - يرى أنّ كلام اللَّه ليس مخلوقاً وليس علمه، بل صفة ذاته‏۵، وأنّ القرآن كلام اللَّه، وغير مخلوق، وكلّ من تحدّث عن خلقه فهو كافر.۶

تحليل وجهات النظر

إنّ قسماً واسعاً من الاختلافات في هذا البحث ناجم عن الإبهام، وعدم الوضوح في موضوع البحث كما أنّ قصد كلّ من الأطراف المتنازعة، من الحدوث والقدم

1.مكتب‏ها و فرقه‏هاى اسلامى در سده‏هاى ميانه: ص ۱۰۰.

2.تاريخ فلسفه در جهان اسلام: ۱۲۰ - ۱۲۱.

3.الإبانة عن اُصول الديانة: ص ۴۷؛ أعيان الشيعة: ج ۱ ص ۱۰۸؛ منتهى الاُصول: ج ۱ ص ۱۱۵.

4.راجع: شرح المقاصد: ج ۲ ص ۱۰۰؛ أعيان الشيعة: ج ۱ ص ۱۰۹.

5.بحوث في الملل و النحل: ج ۳ ص ۳۶۱.

6.التعريفات: ص ۳۷.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27316
صفحه از 616
پرینت  ارسال به