447
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

وغير مخلوق.۱

وهنالك اختلاف حول رأي أبي حنيفة في هذه المسألة، ومصدر هذا الاختلاف هو التغيّرات الطارئة في مذهبه الكلامي التي حدثت بفعل تلاميذه وخصوصاً القاضي أبي يوسف. ومع ذلك، فإنّ الرأي المشهور - وخاصّة بلحاظ نزعته العقلية - أنّه كان يقول بخلق القرآن‏۲، إلّا أنّ بعض المصادر الاُخرى رفضته بشدّة، ولم تنسب إليه الرأي المعارض فحسب، بل اعتبرت القائلين بالخلق كافرين من وجهة نظره.۳

كما نقل عن الشافعي أنّه كانت له مناظرات في هذه المسألة مع بعض المعتزلة، ومن جملتهم: بشر المريسي من معتزلة بغداد، وحفص الفرد، حتّى إنّه كفّرهم.۴

كما يقول أحمد بن حنبل في ذروة المجادلات الكلامية في هذا المجال:
أخبرنا محمّد بن أحمد بن أبي طاهر الدقّاق، أخبرنا أحمد بن سلمان، حدّثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، قال: سمعت أبا معمر - يعني الهذلي - يقول: القرآن كلام اللَّه ليس بمخلوق، من شكّ في أنّه غير مخلوق فهو جهمي، لا بل شرّ من جهمي.
أخبرنا عبد العزيز بن محمّد بن نصر الستوري، حدّثنا أحمد بن سلمان النجاد، حدّثنا عبد اللَّه بن أحمد، قال: سمعت أبا معمر الهذلي يقول: من زعم أنّ اللَّه لا يتكلّم ولا يسمع ولا يبصر ولا يغضب ولا يرضى - وذكر أشياء من هذه الصفات - فهو كافر باللَّه، إن رأيتموه علي بئر فألقوه فيها، بهذا أدين اللَّه لأنّهم كفّار«».۵

ومن بين الفرق الكلامية التي اعتبرت كلام اللَّه قديماً: الحشوية۶ والكلابية والأشاعرة وبعض المرجئة، واعتبره المعتزلة وبعض المرجئة والخوارج حادثاً

1.فصل نامه كلام اسلامى: العدد ۵۳ ص ۱۱۸.

2.كشف الخفاء: ج ۲ ص ۹۶؛ تاريخ بغداد: ج ۷ ص ۶۳.

3.تاريخ بغداد: ج ۶ ص ۲۶۹.

4.تفسير القرطبي: ج ۱ ص ۵۵.

5.أوائل المقالات: ص ۵۲ - ۵۳؛ شرح الاُصول الخمسة: ص ۳۵۷.

6.فلسفه علم كلام: ص ۲۸۵.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
446

في بعض الروايات، فقد جاء في رواية عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال:
... ان القرآن كلام اللَّه محدث غير مخلوق و غير أزلي مع اللَّه تعالى ذكره وتعالى عن ذلك علواً كبيرا ، كان اللَّه عزوجل ولا بشي‏ء غير اللَّه معروف ولا مجهول كان عزوجل ولا متلك ولا مربد ولا متحرك ولا فاعل جل و عز ربناء فجميع هذه الصفات محدثه عند حدوث الفعل منه جل و عز ربنا . والقرآن كلام اللَّه غير مخلوق فيه خبر من كان قبلكم وخبر ما يكون بعدكم أنزل من عند اللَّه على محمد رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله .۱

كما يقول الشيخ المفيد في هذا المجال:
« إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَنًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَ اعْبُدُوهُ وَ اشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ».۲

ويبدو أنّ القرآن اعتبر غير مخلوق - خلافاً للمشهور - في طائفة قليلة من الروايات‏۳. قال الشيخ الصدوق:
قد جاء في الكتاب أنّ القرآن كلام اللَّه ووحي اللَّه وقول اللَّه وكتاب اللَّه، ولم يجي‏ء فيه أنّه مخلوق، وإنّما امتنعنا من إطلاق المخلوق عليه؛ لانّ المخلوق في اللغة قد يكون مكذوباً، ويقال: كلام مخلوق، أي مكذوب قال اللَّه تبارك و تعالى: « إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَنًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا »۴ .۵

وجهة نظر الفرق والمذاهب‏

يرى أهل السنّة وخاصّة المذهب المالكي والشافعي والحنبلي - وعلى إثر نزعة أهل الحديث السائدة بينهم - أنّ كلام اللَّه عبارة عن علمه، وهو قديم

1.راجع: ص ۴۳۸ (القرآن كلام اللَّه محدث غير مخلوق).

2.العنكبوت: ۱۷.

3.التوحيد : ص ۲۲۵.

4.راجع:دَرء تعارض العقل والنقل: ص ۳۵۴ - ۳۷۲.

5.مكتب‏ها و فرقه‏هاى اسلامى در سده‏هاى ميانه: ص ۱۰۳.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27314
صفحه از 616
پرینت  ارسال به