445
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

الصريح بشأنه، فقال الإمام الرضا عليه السلام في جوابه على سؤال الريّان بن الصلت عن القرآن:
كلام اللَّه لا تتجاوزوه، ولا تطلبوا الهدى في غيره فتضلّوا۱ . ۲

كما كتب الإمام الهادي عليه السلام في جوابه لأحد شيعة بغداد:
عصمنا اللَّه و اياك الفتنه فان يفعل فقد اعظم بها نعمة وان لا يفعل فهي الهلكة عن نرى أن الجدال في القرآن بدعه . اشترك فيها السائل والمجيب فيتعاطى السائل ما ليس له ، و يتكلف المجيب ما ليس عليه ، وليس الخالق الا اللَّه عزوجل وماه سواه مخلوق ، والقرآن كلام اللَّه ، لا تجعل له اسماً من عندك فتكون من الضّالّين»۳.۴

وتجنّبت روايات اُخرى إبداء الرأي في هذا الموضوع، أو أنّ أئمّة أهل البيت عليهم السلام عبّروا عن رأيهم بنحو غير مباشر من خلال ذكر لوازم هذا الموضوع. وعلى سبيل المثال فقد قال الإمام الكاظم عليه السلام .
أما إنّي لا أقول في ذلك ما يقولون، ولكنّي أقول: إنّه كلام اللَّه.۵

وفي رواية اُخرى يشير الإمام الصادق عليه السلام - في معرض إجابته على سؤال عن عقيدته بالقرآن - إلى نزوله من دون إشارة إلى حدوث القرآن أو قدمه، وبنحو غير مباشر۶، وهو ما يدلّ على حدوثه؛ لأنّ النزول تدريجي، والأمر التدريجي لا يمكن أن يكون قديماً. كما نشاهد مضمون هذا القبيل من الأحاديث في أقوال الأئمّة التالين له عليهم السلام أيضاً.۷

وفي مقام آخر، بادر أئمّة أهل البيت عليهم السلام أحياناً إلى إبداء آرائهم باُسلوب مباشر

1.التوحيد: ص ۲۲۳ - ۲۲۴.

2.التوحيد: ص ۲۲۴.

3.راجع: ص ۴۳۵ ح ۴۳۸.

4.التوحيد: ص ۲۲۴.

5.على سبيل المثال راجع: تفسير العياشي: ج ۱ ص ۶.

6.راجع: ص ۴۳۸ ح ۴۴۴.

7.أوائل المقالات: ص ۵۲ - ۵۳.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
444

وأعدّ المأمون - كردّ فعل على هذه المعارضات - عقوبات أشدّ للمعارضين، وأمر باختبار كلّ العلماء بخصوص الاعتقاد بحدوث القرآن، والحيلولة دون نشاط المعتقدين منهم بقدمه.۱

وجهة نظر الأئمّة عليهم السلام في حدوث القرآن‏

رغم وجود بعض الروايات المؤيّدة لحدوث القرآن في تضاعيف أقوال أوائل أئمّة أهل البيت عليهم السلام ۲، إلّا أنّ الروايات التي جاءت بنحو صريح عن خلق القرآن في كتب الحديث تعود كلّها إلى الأئمّة الذين عاصروا بنحو ما زمان طرح مسألة حدوث القرآن أو قدمه، فكان عهدا الإمام الصادق عليه السلام والإمام الكاظم عليه السلام متزامنين مع ظهور هذه المسألة، فيما عاصرها الإمام الرضا عليه السلام والإمام الجواد عليه السلام والإمام الهادي عليه السلام إلى حدّ ما - أي عندما اتّسعت الضغوط والاضطهادات وتجسّدت في أكثر أشكالها مأساوية من خلال محاكم التفتيش بشأن خلق القرآن (محنة القرآن) - كما تعاصرت مع أواخر إمامة الإمام الهادي عليه السلام عندما تولّى المتوكّل الحكم، انفرجت الأزمة تدريجياً لصالح أهل الحديث والأشاعرة۳. وعلى هذا الأساس، يمكن طرح تعامل الأئمّة مع هذه المسألة من عدّة وجوه:

لقد تجنب أهل البيت عليهم السلام في المرحلة الاُولى الخوض في هذاالبحث والحكم

1.تاريخ اليعقوبي: ج ۲ ص ۴۶۷ - ۴۶۸، تاريخ الطبري: ج ۷ ص ۱۹۶ - ۲۰۹، سير أعلام النبلاء: ج ۱۰ ص ۲۳۲ وج ۱۱ ص ۱۷۱ و ج ۲ ص ۴۶۷ - ۴۶۸.

2.راجع: ص ۴۳۶ ح ۴۳۹ وفي رواية أخرى: «عن أبي هريرة قال: كنّا عند عمر بن الخطّاب إذ جاءه رجل يسأله عن القرآن: أمخلوق هو أم غير مخلوق؟ فأخذ عمر بمجامع ثوبه حتّى قاده إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، فقال: يا أبالحسن، ألا تسمع ما يقول هذا؟ قال : وما يقول؟ قال : جاء يسألني عن القرآن: مخلوقاً هو أم غير مخلوق؟ فقال عليّ : «هذه كلمة، وسيكون لها ثمرة لو ولّيت من الأمر ما ولّيت لضربتُ عنقه» (الدرّ المنثور: ج ۲ ص ۱۵۴، كنز العمّال : ج ۲ ص ۳۳۵ ح ۴۱۷۵ كلاهما نقلاً عن نصر في [كتاب‏] الحجة).

3.بحوث في الملل و النحل: ج ۳ ص ۴۵۴ - ۴۵۵؛ الإلهيات: ص ۲۱۸ - ۲۲۰.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27874
صفحه از 616
پرینت  ارسال به