الزنديق أوّل من ألّف كتاباً في باب خلق القرآن.۱
وقد هيّأت مسألة حدوث القرآن وقدمه الأرضية لحدوث نزاع شديد، دائم بين الفرق الإسلامية، عرف في كتب التاريخ باسم «محنة القرآن»، وأدّى ميل المأمون العبّاسي إلى رأي حدوث القرآن وإعلانه سنة ۲۱۲ه إلى دعم المعتزلة وتعزيز موقفهم، وبذلك خضع معارضوهم - الذين كانوا يعرفون بأهل الحديث - إلى ضغوط سياسية ودينية كثيرة.۲
وقد استطاع المعتزلة أن يقنعوا المأمون بأنّ الاعتقاد بقدم القرآن كاعتقاد المسيحيين بشأن المسيح عليه السلام ۳، وبادر المأمون في البدء إلى نشر معتقداتهم من خلال البحث والمناظرة، ولكن لمّا أصرّ أهل الحديث على عقيدتهم، استخدم العنف والبطش شيئاً فشيئاً، وازدادت عمليات القمع لمنكري خلق القرآن.
وأصدر المأمون أمراً حكومياً سنة ۲۱۸ و يقضي بوجوب التزام جميع الناس بعقيدة خلق القرآن، وذلك بعد أن بعث رسالة إلى إسحاق بن إبراهيم (والي بغداد) أوضح فيها الآيات الدالّة علي خلق القرآن، وأمره بعزل جميع القضاة الذين يعتقدون بقدمه، وأن يختار قضاة من القائلين بحدوثه كما أمره بردّ شهادة المعتقدين بقدم القرآن.
وقد واجه هذا الأمر الحكومي معارضة عدد من الوجوه السياسية والثقافية والإدارية، إلّا أنّه حسم هذه المعارضة من خلال استدعائهم إلى البلوط الملكي وإبراز غضبه الشديد من ذلك.
ومع كلّ هذا، فقد هبّ أحمد بن حنبل وبشر بن الوليد وبعض وجهاء بغداد لمعارضة أوامر المأمون.