431
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

المطروح في اصطلاح المتأخّرين لا وجود له في القرآن.

وتظهر دراسة لما قيل في هذا المجال: إنّ اختلاف الآراء في عدد الآيات المنسوخة أو وجودها وعدمه ناجم عن اختلافهم في تعريف النسخ، وفلو عرّفنا النسخ بمعنى التنافي والتنافر بين آيتين - كما عرّفه المتأخّرون - فإنّ النسخ بهذا المعنى لا وجود له في القرآن أساساً.

وأمّا إذا اعتبرنا النسخ التنافي الظاهري والبدائي بين الآيتين، بحيث يشمل تخصيص العام وتقييد المطلق وبيان المجمل أيضاً - أي نفس المعنى اللغوي للنسخ المستخدم في القرآن والحديث، وكان المقصود من نسخه حسب اصطلاح القدماء - فإنّ النسخ سيكون كثيراً في القرآن.

وبناء على ذلك، فكلّما أصبح تعريف النسخ محدوداً أكثر قلّ عدد الآيات المنسوخة، حتّى قال البعض بعدم وجود نسخ في القرآن.

وعلى هذا الأساس، فإنّ الآيات المنسوخة كثيرة في مؤلّفات القدماء، مثل: قتادة بن دعامة السدوسي (ت ۱۱۷ق)، والزهري (ت ۱۲۴ق)، وابن الجوزي (ت ۵۹۷ق).۱

ويبلغ عدد الآيات المنسوخة على ما يرى ابن الجوزي (۲۴۷) ، ابن حزم وابن سلامة (۳۱۴) والنحاس (۱۳۴)، والسيوطي (۲۰) آية۲.

ولم ير آية اللَّه الخوئي أنّ هنالك نسخاً في القرآن، سوى آية واحدة، وذلك في معرض ردّه على الأشخاص الذين اعتبروا النسخ في القرآن كثيراً.۳

كما لم يؤيّد آية اللَّه معرفت كثرة النسخ، ولم يبد طيلة عمره سوى رأيين في هذا المجال، فلم يرَ في البدء ولمدّة طويلة أنّ هنالك مواضع للنسخ في القرآن سوى في

1.راجع: سلسلة كتب الناسخ والمنسوخ، تحقيق حاتم صالح الضامن: ص ۱۰۹. وتضم هذه المجموعة الكتب التالية ۱. كتاب الناسخ والمنسوخ للسدوسي، ۲. المصفى بأكف أهل الرسوخ لابن الجوزي، ۳. ناسخ القرآن ومنسوخه لابن البازي ۴. الناسخ والمنسوخ للزهري.

2.راجع: الناسخ والمنسوخ بين الإثبات والنفي لعبدالمتعال محمود الجبري: ص ۱۰۹.

3.راجع: البيان للخوئي، ص ۲۷۳ و ۳۸۰.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
430

ثانياً. نسخ التلاوة وبقاء الحكم‏

إنّ تصوّر وجود هذا النوع من النسخ في القرآن هو خلاف للحكمة، فضلاً عن أنّه يواجه مشكلة القول بالتحريف نفسها، ففي هذه الحالة يكون الحكم موجوداً، إلّا أنّه ليس مستنداً.

وجدير بالذكر أنّ الخليفة الثاني كان يدّعي أنّ آية الرجم كانت موجودة في القرآن وأنّها سقطت من دون سبب‏۱، إلّا أنّ أحداً لم يقبل منه هذا الادّعاء.۲

ثالثاً. نسخ الحكم وبقاء التلاوة

الآية المنسوخة تكون موجودة في القرآن حسب هذا الفرض، إلّا أنّ حكمها منسوخ.

رابعاً. النسخ المشروط

النسخ المشروط۳: هو تقييد الأحكام بشروطها الخاصّة، حيث يتغيّر هذا الحكم بتغيير تلك الشروط التي هي في الحقيقة موضوع الحكم. وكما سبقت الإشارة، فإنّ النوعين الأوّل والثاني من النسخ لا يمكن أن يقعا في القرآن، كما أنّ النسخ بالمعنى الرابع وقع فيه من دون شكّ ؛ وبناء على ذلك، فإنّ ما كان وقوعه موضع بحث هو النسخ بالمعنى الثالث، بمعنى: هل توجد في القرآن آية يكون نصّها موجوداً وحكمها منسوخاً؟ سوف يأتي جواب هذا السؤال ضمن دراسة «عدد الآيات المنسوخة» التالي.

۶. عدد الآيات المنسوخة

يختلف علماء علوم القرآن في عدد الآيات المنسوخة؛ إذ يرى بعضهم أنّ عددها كثير، ويرى بعض آخر أنّ عددها ليس كثيراً، فيما يرى ثالث بأنّ النسخ بالمفهوم

1.راجع: صحيح البخاري: ج ۸ ص ۱۱۳؛ صحيح مسلم: ج ۵ ص ۱۱۶.

2.راجع: البيان: ص ۲۰۲ و ۲۸۵؛ الميزان في تفسير القرآن: ج ۱۲ ص ۱۲۵.

3.استخدم هذا المصطلح في كتاب آية اللَّه معرفت، ويبدو أنّ المقصود هو المعنى العام للنسخ الذي استعمل في اللغة والقرآن والحديث.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27417
صفحه از 616
پرینت  ارسال به