425
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

فاستعمل النسخ في هذه الآية بمعناه اللغوي، أي إزالة أمر وإثبات أمر آخر مكانه، ويشمل النسخ التشريعي - أي استبدال حكم من الأحكام الإلهية - والنسخ التكويني، أي إحلال آية من الآيات التكوينية الإلهية مثل النبيّ والإمام بدلاً من نبيّ وإمام آخر.۱

۲. الآية ۵۲ من سورة الحجّ:
« وَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَ لَا نَبِىٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى‏ أَلْقَى الشَّيْطَنُ فِى أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِى الشَّيْطَنُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ » .

والمراد من النسخ في هذه الآية أيضاً معناه اللغوي، أي إزالة الإلقاءات الشيطانية وإحلال الآيات الإلهية محلّها.

۳. الآية ۱۵۴ من سورة الأعراف:
« وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَْلْوَاحَ وَفِى نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ » .

فإنّ نسخ الكتاب واستنساخه من ذلك الجذر اللغوي نفسه، فعندما يستنسخ شخص مّا كتاباً يبدو وكأنّه يضع الكتاب الأصلي جانباً ويحوّله إلى نسخة جديدة؛ ولذلك استعملت في آية اُخرى كلمة «تبديل» بدلاً من كلمة «النسخ» التي جاءت في الآية ۱۰۶ من سورة البقرة: « وَ إِذَا بَدَّلْنَا ءَايَةً مَّكَانَ ءَايَةٍ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ».۲

۴. الآية ۲۹ من سورة الجاثية:
« هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِ‏ّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ » .

وقد أخذ الاستنساخ في هذه الآية أيضاً من «النسخ»، ويعني استنساخ أعمال

1.كما جاء عن الإمام الصادق عليه السلام في تفسير هذه الآية: يقول [اللَّه‏]: ما نميت من إمام أو ننس ذكره، نأت بخير منه من صلبه مثله. (بحار الأنوار: ج ۴ ص ۱۱۶) ومن الجدير بالذكر أنّ البداء هو أحد مصاديق النسخ التكويني أيضاً.

2.النحل: ۱۰۱.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
424

قرآنية وتفسيرية اُخرى إليه في مناسبة من المناسبات.۱

۱. النسخ لغة

النسخ: رفع أمر مّا وإزالته، ووضع أمر آخر بدلاً منه. كما تأتي هذه الكلمة أحياناً بمعنى رفع شي‏ء وإزالته، ونقل شي‏ء من موضع إلى آخر، وتغييره وتحويله من حال وشكل إلى حال وشكل آخرين، واستنساخ وكتابة نصّ بنحو دقيق على أساس كتابة اُخرى.۲

۲. النسخ في القرآن والحديث‏

استعملت مادّة النسخ ومشتقّاتها أربع مرّات في القرآن الكريم، وجاءت هذه الكلمة في كلّ هذه المواضع بمعناها اللغوي. وهذه المواضع هي:

۱. الآية ۱۰۶ من سورة البقرة:
« مَا نَنسَخْ مِنْ ءَايَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى‏ كُلِ‏ّ شَىْ‏ءٍ قَدِيرٌ » .

1.لتفصيل أكثر عن خلفية ومسيرة تأليفات الناسخ والمنسوخ، راجع: الناسخ والمنسوخ للدوسي: ص ۱۰ - ۱۷ المقدّمة؛ مدخل حول تاريخ علوم القرآن: ص ۳۰۷ - ۳۱۸. حيث عدّ مؤلف الكتاب الأخير ۸۶ كتاباً.

2.ابن فارس: "النون والسين والخاء أصل واحد، إلّا أنّه مختلف في قياسه: قال قوم: قياسه رفع شي‏ء وإثبات غيره مكانه، وقال آخرون: قياسه تحويل شي‏ء إلى شي‏ء. قالوا: النسخ نسخ الكتاب والنسخ أمر كان يعمل به من قبل ثمّ ينسخ بحادث غيره، كالآية ينزل فيها أمر ثمّ تنسخ بآية اُخرى، وكلّ شي‏ء خلف شيئاً فقد انتسخه. وانتسخت الشمس الظل، والشيب الشباب.. " (معجم مقاييس اللغة: ص ۱۰۲۶)؛ الأزهري: "الزجّاج: النسخ في اللغة إبطال شي‏ء وإقامة آخر مقامه. والعرب تقول: نسخت الشمس الظل: أذهبت الظلّ وحلّت محلّه. والنسخ اكتتابك كتاباً عن كتاب حرفاً بحرف.. لأنّه قام مقامه. وقال الليث: النسخ أن تزايل أمراً كان من قبل يعمل به ثمّ تنسخه بحادث غيره. عن ابن الأعرابي: النسخ تبديل الشي‏ء من الشي‏ء وهو غيره، والنسخ نقل الشي‏ء من مكان إلى مكان وهو هو" (معجم تهذيب اللغة : ج ۴ ص ۳۵۵۸)؛ ابن منظور: "النسخ: إبطال الشي‏ء وإقامة آخر مقامه،؛ قال الفرّاء وأبو سعيد: نسخ الشي‏ء بالشي‏ء، أي أزاله به وأداله، والشي ينسخ الشي‏ء، أي يزيله ويكون مكانه" (لسان العرب: ج ۳ ص ۶۱)؛ الراغب: "النسخ إزالة شي‏ء بشي‏ء يتعقّبه" (مفردات ألفاظ القرآن: ص ۴۹۰).

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27923
صفحه از 616
پرینت  ارسال به