417
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

الإسلام وقوي انتفت تلك الدوافع (دوافع الإكراه) وبدت الحاجة لبيان حكمٍ لموضوع البغاء الاختياري .

فالواقع هو أنّ الآية الثانية ناظرة إلى نسخ موضوع الحكم السابق ودوافعه ، وليس هو من قبيل نسخ الحكم السابق .

السّابِعَة عَشرَةَ : الآيَةُ ۴۸ مِن سورَةِ الأَحزابِ‏

« وَ لَا تُطِعِ الْكَفِرِينَ وَ الْمُنَفِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَ كَفَى‏ بِاللَّهِ وَكِيلاً »

۴۲۸. الإمام عليّ عليه السلام : إنَّ اللَّهَ تَبارَكَ وتَعالى‏ لَمّا بَعَثَ مُحَمَّداً صلى اللّه عليه و آله ، أمَرَهُ في بَدوِ أمرِهِ أن يَدعُوَ بِالدَّعوَةِ فَقَط ، وأنزَلَ عليه : « يَأَيُّهَا النَّبِىُّ إِنَّا أَرْسَلْنَكَ شَهِدًا وَ مُبَشِّرًا وَ نَذِيرًا * وَ دَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِرَاجًا مُّنِيرًا * وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيرًا * وَ لَا تُطِعِ الْكَفِرِينَ وَ الْمُنَفِقِينَ وَدَعْ أَذَلهُمْ وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَ كَفَى‏ بِاللَّهِ وَكِيلاً »۱ فَبَعَثَهُ اللَّهُ تَعالى‏ بِالدَّعوَةِ فَقَط ، وأمَرَهُ أن لا يُؤذِيَهُم .
فَلَمّا أرادوهُ بِما هَمّوا بِهِ مِن تَبييتِهِ‏۲ ، أمَرَهُ اللَّهُ تَعالى‏ بِالهِجرَةِ وفَرَضَ عَلَيهِ القِتالَ ، فَقالَ سُبحانَهُ : « أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى‏ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ » .۳
فَلَمّا أمَرَ النّاسَ بِالحَربِ جَزَعوا وخافوا ، فَأَنزَلَ اللَّهُ تَعالى‏ : « أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلَوةَ وَءَاتُواْ الزَّكَوةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى‏ أَجَلٍ قَرِيبٍ » إلى‏ قَولِهِ سُبحانَهُ : « أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِى بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ »۴ . فَنَسَخَت آيَةُ القِتالِ آيَةَ الكَفِّ .۵

راجع : ص ۴۱۱ ح ۴۱۸ .

1.الأحزاب : ۴۵ - ۴۸ .

2.التَّبييت : أن يُقصَدَ في الليل مِن غير أن يعلم ، فيؤخذُ بَغتةً (مجمع البحرين : ج ۱ ص ۲۰۶ «بيت») .

3.الحج : ۳۹ .

4.النساء : ۷۷ و ۷۸ .

5.بحار الأنوار : ج ۹۳ ص ۷ نقلاً عن تفسير النعماني عن إسماعيل بن جابر عن الإمام الصادق عليه السلام .


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
416

السادِسَة عَشرَةَ : الآيَةُ ۳۳ مِن سورَةِ النّورِ

« وَ لْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى‏ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَ الَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَبَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَنُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَ ءَاتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِى ءَاتَاكُمْ وَ لَا تُكْرِهُوا فَتَيَتِكُمْ عَلَى الْبِغَآءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَ مَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَ هِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ »

۴۲۷. تفسير القمّي : قَولُهُ : « وَ لَا تُكْرِهُواْ فَتَيَتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا »۱ قالَ : كانَتِ العَرَبُ وقُرَيشٌ يَشتَرونَ الإِماءَ ويَضَعونَ عَلَيهِنَّ الضَّريبَةَ الثَّقيلَةَ ويَقولونَ : اِذهَبنَ وَ ازنينَ وَاكتَسِبنَ ، فَنَهاهُمُ اللَّهُ عزّ و جلّ عَن ذلِكَ ، فَقالَ : « وَ لَا تُكْرِهُواْ فَتَيَتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ » إلى‏ قَولِهِ تَعالى‏ : « غَفُورٌ رَّحِيمٌ » أي لا يُؤاخِذُهُنُّ اللَّهُ تَعالى‏ بِذلِكَ إذا اُكرِهنَ عَلَيهِ .
وفي رِوايَةِ أبِي الجارودِ عَن أبي جَعفَرٍ عليه السلام : هذِهِ الآيَةُ مَنسوخَةٌ ، نَسَخَتها : « فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَتِ مِنَ الْعَذَابِ »۲.۳

نكتة

إنّ الآية الاُولى التي يقع البحث فيها (وهي الآية ۳۳ من سورة النور) ناظرة إلى إكراه الإماء على البغاء ، ويختلف موضوعها عن موضوع الآية الثانية (أي الآية ۲۵ من سورة النساء) الناظرة إلى ارتكاب الإماء للفاحشة على نحو الاختيار . ومن هنا لا يمكن اعتبار الآية الثانية ناسخة للآية الاُولى نسخاً اصطلاحيّاً ، والذي يُشترط فيه كون حكم الناسخ وحكم المنسوخ مرتبطين بموضوع واحد .

بناءً على ذلك ، يحتمل أنّ المراد من النسخ هنا هو إمكان إجبار الإماء وزجّهم في البغاء من قِبَل أسيادهم المشركين في زمان الجاهلية وبدء ظهور الإسلام ، ولذلك كان من الضروري أن يبيّن حكم هذه الظاهرة ، ولكن بعد ذلك حين انتشر

1.النور : ۳۳ .

2.النساء : ۲۵ .

3.تفسير القمّي : ج ۲ ص ۱۰۲ .

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27305
صفحه از 616
پرینت  ارسال به