369
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

أنتُم صائِرونَ إلَيهِ .۱

ومع أخذ هذه الروايات بنظر الاعتبار وخاصّة عبارة «خلقكم» يتّضح أنّ القرآن يضمّ أحكام التشريع والاُمور التكوينية، مثل: خلق السماء والأرض ، وأخبار الاُمم السابقة والحاضر والمستقبل أيضاً. وممّا يؤيّد هذا الاستنتاج ما نقل عن الإمام الصادق عليه السلام من أنّ أحكام والحلال والحرام لا تشكّل سوى قسم صغير من القرآن.۲

۲. الشمولية في الهداية

اعتبرت طائفة من العلماء أنّ المراد من كمال القرآن وشموليته ، الشمولية في الشؤون الدينية، سواء في اُصولها أم فروعها، حيث رأوا أنّ شمولية القرآن المطلقة لا أساس لها۳، و حملت روايات شمولية القرآن على فهم باطن الألفاظ الذي يعلم به المعصومون عليهم السلام .

وترى هذه الطائفة أنّ شأن القرآن والدين لا يقتضي الدخول في الاُمور المتعلّقة باكتشافات البشر أنفسهم، بل إنّ إرشاده لا معنى له أيضاً؛ لأنّ اللَّه أنعم على الإنسان بالعقل، وخلقه مقتدراً وعاقلاً وباحثاً، وترك ساحة التأثّر في الطبيعة مفتوحة، ولا ضرورة لأن يوضح اللَّه المعادلات الكيمياوية أو المسائل الرياضية۴. وإذا جاء في القرآن بحث عن العلوم التجريبية والرياضية والفلك وغير ذلك، فالملحوظ فيه هو جانب الهداية والتربية.۵

والآيات التي تعتبر الهدف من نزول القرآن هو الهداية، تدعم هذا الرأي:
« الر كِتَبٌ أَنزَلْنَهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَتِ إِلَى النُّورِ ».۶

1.راجع: ص ۳۶۳ ح ۳۳۱.

2.بصائر الدرجات: ص ۲۱۴ - ۲۱۵.

3.راجع: التمهيد في علوم القرآن: ج ۶ ص ۱۹ - ۲۰.

4.التمهيد في علوم القرآن: ج ۶ ص ۳۰.

5.راجع: التفسير والمفسّرون: ج ۲ ص ۴۶۹ - ۴۷۲.

6.إبراهيم: ۱.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
368

وَ هُدًى وَ رَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ »۱ .۲

كما ورد في كثير من الروايات ما يؤيّد شمولية القرآن المطلقة، وتعتبر بعض هذه الروايات القرآن «الجامع لعلم الأوّلين والآخرين» حيث يجب التوصّل إلى تلك العلوم من خلال التفكّر في معاني هذا الكتاب السماوي:
مَن أرادَ عِلمَ الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ فَليُثَوِّرِ۳ القُرآنَ .۴

واستناداً إلى إحدى الروايات، فقد أقسم الإمام الصادق عليه السلام على أنّ الإنسان سوف لا يتحسّر أبداً على عدم وجود موضوع معيّن في القرآن، حيث قال عليه السلام :
إنَّ اللَّهَ تَبارَكَ وتَعالى‏ أنزَلَ في القُرآنِ تِبيانَ كُلِّ شَي‏ءٍ ، حَتّى‏ وَاللَّهِ ما تَرَكَ اللَّهُ شَيئاً يَحتاجُ إلَيهِ العِبادُ ، حَتّى‏ لايَستَطيعَ عَبدٌ يَقولُ : لَو كانَ هذا اُنزِلَ فِي القُرآنِ، إلّا وقَد أنزَلَهُ اللَّهُ فيهِ.۵

وجاء في رواية اُخرى عنه عليه السلام :
إنَّ العَزيزَ الجَبّارَ أنزَلَ عَلَيكُم كِتابَهُ وهُوَ الصّادِقُ البارُّ ، فيهِ خَبَرُكُم وخَبَرُ مَن قَبلَكُم وخَبَرُ مَن بَعدَكُم ، وخَبَرُ السَّماءِ وَالأَرضِ ، ولَو أتاكُم مَن يُخبِرُكُم عَن ذلِكَ لَتَعَجَّبتُم.۶

وروي عنه عليه السلام أيضاً أنّه قال:
إنَّ اللَّهَ عَزَّ ذِكرُهُ خَتَمَ بِنَبِيِّكُمُ النَّبِيّينَ فَلا نَبِيَّ بَعدَهُ أبَداً ، وخَتَمَ بِكِتابِكُمُ الكُتُبَ فَلا كِتابَ بَعدَهُ أبَداً ، وأنزَلَ فيهِ تِبيانَ كُلِّ شَي‏ءٍ ، وخَلْقَكُم وخَلْقَ السَّماواتِ وَالأَرض ، ونَبَأَ ما قَبلَكُم وفَصْلَ ما بَينَكُم وخَبَرَ ما بَعدَكُم ، وأمْرَ الجَنَّةِ وَالنّارِ وما

1.يوسف: ۱۱۱.

2.راجع: الإتقان في علوم القرآن: ج ۴ ص ۲۶ - ۳۱؛ التمهيد في علوم القرآن: ج ۶ ص ۱۹.

3.فليُثَوِّر: أي ليُنقّر عنه ويُفكّر في معانيه وتفسيره وقراءته (مجمع البحرين:ج ۱ ص ۲۵۹ (ثور)».

4.راجع: ص ۳۶۱ ح ۳۲۲.

5.راجع: ص ۳۶۲ ح ۳۲۷.

6.راجع: ص ۳۶۵ ح ۳۳۹.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27913
صفحه از 616
پرینت  ارسال به