نقصان معلومات مؤلّفة ومحدوديته، كما أنّ مبدعي الآثار العلمية الكبرى اعترفوا بنقصان اكتشافاتهم. غير أنّ هناك أثراً يعلن شمولية موضوعاته وكمالها وصدقها:
« ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ ».۱« وَ بِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَ بِالْحَقِّ نَزَلَ ».۲
وهذا الأثر هو القرآن الذي تحيّر العلماء والباحثون عن الحكمة بالعالم في تفوّقه وعظمته بالرغم من مرور أربعة عشر قرناً على نزوله، فمرور الأيّام والتطوّر المتزايد للعلوم والمعارف البشرية أثبتا صحّة هذا الادّعاء وصدقه أكثر من أيّ وقت مضى. وهذه الحقيقة يبيّنها القرآن في إحدى آياته الاستدلالية قائلاً:
« أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ».۳
و يشمل هذا الاختلاف كلّ نوع من الاضطراب ، وعدم الانسجام ، والتعارض والتناقض.۴
ومن الضروري التطرّق إلى الملاحظات التالية:
الاُولى: إنّ الإنسان له - كغيره من الكائنات الطبيعية في هذا العالم - نموّ وتكامل تدريجيّان متّجهان نحو الاتّساع، وأنّه يكتسب المزيد من التجارب والمهارات على مرّ الزمن (التكامل التدريجي).
الثانية: إنّنا لا نجد أيّ إنسان يحيط بكلّ الآفاق ويجمع كلّ العلوم، بل إنّ وجوده يلازم دوماً مجهولات كثيرة (المحدودية وإمكانية الخطأ).
الثالثة: إنّ الإنسان يخضع لتأثير الأوضاع المختلفة لبيئة حياته بحسب محدوديته في عالم الطبيعة، فالصحّة والمرض، والفقر والغنى، والحرب والسلام وغيرها، كلّ ذلك يترك أثراً خاصّاً في روحه وفكره (التأثّر).