355
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

المبيّن العقلاني والأساس الثابت لكلّ النظم التشريعية والقيمية للقرآن. والواجبات وترتّب المسؤوليات والأنظمة القيمية والسلوكية - التي تدرس في فلسفة الأخلاق وفلسفة القانون - لا يمكن أن تكتسب هذا المعنى إلّا في ظل النظرة التوحيدية.

ب - الانسجام مع فطرة الإنسان‏

من جملة الميّزات التي يمكن اعتبارها من خصوصيّات معارف القرآن: انسجامها مع الفطرة الطبيعية والخلق الفطري لكلّ البشر، ولذلك فإنّ لهذه المفاهيم شمولية وجامعية خاصّة قياساً إلى كلّ الحاجات الثابتة والمتغيّرة لجميع المخاطبين من كلّ لون وجنس، وفي كلّ مكان وزمان (الشمولية العامة والدائمة والشاملة لكلّ مكان)، قال تعالى :
« فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَ لَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ».۱

ج - الواقعية والاعتدال‏

في المسافة الشاسعة بين الإيديولوجيات المثالية حتّى العبودية الخالصة للطبيعة، يظهر القرآن قدرته على إصلاح أهداف حياة الإنسان وتنظيمها في تصنيف منظّم تمهيدي ومتوسّط وعال ونهائي، وذلك من خلال النظرة الواقعية إلى حقيقة وجود الإنسان ومصيره الطويل كي تنمو كلّ مواهبه الذاتية وتلبّى حاجاته الوجودية باُسلوب معتدل ومتناسق.

واستناداً إلى هذه الرؤية الواقعية، فإنّ الزهد في الدنيا وقمع النزعات الطبيعية والماديّة مرفوضان من وجهة نظر القرآن، قال تعالى:
« قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِى أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَ الطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِىَ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الأَْيَاتِ لِقَوْمٍ

1.الروم: ۳۰.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
354

« وَ الَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ».۱

- اجتناب الكلام بغير علم:
« وَ لَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسُْولًا ».۲

- التوصية بالدعاء والعلاقة المقدّسة باللَّه الواحد:
« قُلْ مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّى لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامَاً ».۳

- التوصية بعبادة اللَّه الواحد واجتناب اتّباع الشيطان:
« أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَبَنِى ءَادَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَنَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ * وَ أَنِ اعْبُدُونِى هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ».۴

خصوصيّات معارف القرآن‏

تتميّز مفاهيم القرآن - سواء في قسم المعارف الأساسية والرؤى أو في قسم النظم القيمية والتعليمات السلوكية - بخصائص تميّزه عن كتب البشر والكتب الاُخرى المنسوبة إلى الأديان، والكلام فيه يقع ضمن الفروع التالية:

أ - انسجامها مع العقل وتنميتها له‏

تقوم اُصول معارف القرآن ومفاهيمه على أساس العقل والمنطق، وتدور أساس تعاليم الإسلام حول مدار محاربة الجهل وإثارة العقل‏۵، ومحاربة التقليد والظنّ‏۶ وتأسيس العلم.۷

إنّ التوحيد - بصفته الركيزة المحورية لدعوة كلّ الأنبياء والشرائع السماوية - هو

1.الفرقان: ۶۷.

2.الإسراء: ۳۶.

3.الفرقان: ۷۷.

4.يس: ۶۰ - ۶۱.

5.فصلت: ۳۷؛ يونس: ۱۰۰.

6.النحل: ۴۳.

7.الأنعام: ۱۱۶؛ المجادلة: ۱۱.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27627
صفحه از 616
پرینت  ارسال به