347
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

وليس كتاباً في علم الطبيعة، ولأنّ قائله هو الخالق والعالم بأسرار العالم، فإنّ من الطبيعي أن تتبلور في كلامه جوانب من ساحة الوجود حسب الموضوعات التي يطرحها، حيث تصبح مظهراً لأسرار تكوين الحياة:
« قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِى يَعْلَمُ السِّرَّ فِى السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ ».۱

ومطالعة نماذج من هذه الآيات ستهيّي‏ء الأرضية للتفكّر والتدبّر في بيان الاتّساع المترابط للفضاء الكوني:
« أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَىْ‏ءٍ حَىٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ».۲« وَ السَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَ إِنَّا لَمُوسِعُونَ ».۳

في الإشارة إلى الجاذبية العامّة للفضاء الكوني:
« اللَّهُ الَّذِى رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ».۴

كما يعتبر أمير البيان الجاذبية العامّة من الشواهد على الخلق:
فَمِن شواهدِ خَلقهِ خَلقُ السَّماواتِ مُوَطَّداتٍ بِلا عَمَدٍ، قائماتٍ بِلا سندٍ.۵

وفي الإشارة إلى حركة الأرض:
« وَ تَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَ هِىَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِى أَتْقَنَ كُلَّ شَىْ‏ءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ».۶« وَ أَلْقَى‏ فِى الْأَرْضِ رَوَاسِىَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ ».۷

أو في الإشارة إلى زوجية المخلوقات:

1.الفرقان: ۶.

2.الأنبياء: ۳۰.

3.الذاريات: ۴۷.

4.الرعد: ۲.

5.راجع. ص ۲۵۹ ح ۲۵۷.

6.النمل: ۸۸.

7.النحل: ۱۵.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
346

لَدَيْهِمْ وَ أَحْصَى‏ كُلَّ شَىْ‏ءٍ عَدَدَاً ».۱

وصورة القرآن عن السيرة العلمية والعملية للرسل الإلهيين: هي أنّهم أفضل البشر وأطهرهم وأصدقهم‏۲، وهم العظماء الذين تعدّ دعوتهم وسلوكهم تجسيداً للتوحيد ومظهراً للصفات الإلهية:
« وَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِى إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ».۳

لقد كانوا - بكمالهم العقلي وسلامتهم الفطرية وصدقهم وأمانتهم وطهارتهم - أكثر الأشخاص إخلاصاً وشفقة على أبناء جنسهم، والاُسوة الحقّة للمعرفة والسعي في بناء حياة الناس في الدنيا والآخرة، ولم يتفوّهوا أبداً بكلام سوى الحقّ، ولم يصدر منهم سلوك غير العمل الصالح:
« وَ كُلاًّ جَعَلْنَا صَلِحِينَ * وَ جَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَ أَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَ إِقَامَ الصَّلَوةِ وَ إِيتَاءَ الزَّكَوةِ وَ كَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ».۴

لقد تحمّلوا في طريق أداء رسالتهم التوحيدية الحرمان والهجرة والتهم والإهانات والكثير من المصاعب في سبيل رضا اللَّه، وهم بحقّ حملة الوحي والمؤتمنون على الرسالة الإلهية:
« اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ».۵

۲ - ۲. إشارات القرآن إلى أسرار الخلق‏

يعدّ استعراض الطبيعة، وإشارات القرآن العلمية إلى الأسرار الكامنة في الكائنات مظهراً آخر لآفاق هذا الكتاب الفريد، فالقرآن هو كتاب لهداية الإنسان وتربيته،

1.الجنّ: ۲۶ - ۲۸.

2.الأنعام: ۸۵ - ۸۶.

3.الأنبياء: ۲۵.

4.الأنبياء: ۷۲ - ۷۳.

5.الأنعام: ۱۲۴.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27641
صفحه از 616
پرینت  ارسال به