345
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

مرتبطون بالاُلوهية، فإنّ النبوّة وتلقّي الوحي لا يستلزمان أيّ مواصفات وميّزات خاصّة، والتفؤّل والكهانة وتعليم الحكمة والسحر وغير ذلك هي كلّها فروع مختلفة من تلقّي الوحي. وحسب هذه الرؤية، فإنّ الأنبياء ومتلقّي الوحي هم أشخاص عاديون يتلوّثون بالمعاصي والذنوب، ويبتلون بالأفعال المتنافية مع الأخلاق، والاعتداء على أعراضهم وأعراض الآخرين!۱، بل إنّهم يتوسّلون بالخدعة والكذب والنفاق في سلوكهم‏۲، وقد يلعن بعضهم بعضاً ويحملون في الوقت نفسه النبوّة والرسالة!۳وهم أنفسهم الذين تجاوزوا الحدود بسوابقهم القاتمة في قتل الآخرين وإلحاق الأذى بهم، وإذا بهم يصلون إلى المكاشفة على حين غرّة، ويتشرّفون بالرسالة!۴

والأنبياء الإلهيّون - من وجهة نظر القرآن - هم الحاملون لرسالة إنقاذ البشر؛ حيث بعثوا لهداية الإنسان نحو الكمال وتنمية المواهب الإنسانية، وهم منزّهون عن كلّ هذه الأعمال المشينة. ويرى القرآن أنّ النبوّة هبة إلهية يودعها اللَّه في أكثر المواهب والاستعدادات صلاحاً. والنبوّة وتلقّي الوحي - في هذه الرؤية - مرهونان بسلسلة من الخصائص الأساسية، أهمّها؛ العصمة في تلقي رسالة اللَّه وحفظها وإبلاغها، وفي العمل بالواجب الشخصي بحكم الشرع والعقل:
« عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى‏ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى‏ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا * لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَ أَحَاطَ بِمَا

1.سفر التكوين: الإصحاح ۹ الفقرات ۲۰ - ۲۷ أيضاً سفر التكوين: الإصحاح ۱۸الفقرات: ۳۰ - ۳۸ و الإصحاح ۲۹ الفقرة ۵.

2.سفر التكوين: الإصحاح ۲۷ الفقرات ۱۸ - ۳۶؛ صموئيل الثاني: الإصحاح ۱۱، الفقرات ۱۵ - ۳۰ و الإصحاح ۱۳ الفقرات ۷ - ۱۵ والإصحاح ۱۸ الفقرات ۲۳ - ۲۵، الملوك الأول ۱۳، إرميا: الإصحاح ۲۳ الفقرة ۱۲ و الإصحاح ۱۲ الفقرة ۸ .

3.مرقس. الإصحاح ۱۴، الفقرة متى: الإصحاح ۱۶: الفقرات ۱۳ - ۱۹.

4.أعمال الرسل: ۹۸۷ ص ۱۹۷ - ۲۰۴، غلاطيان: ج ۱ ص ۳۰۰ - ۳۰۱.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
344

« وَ نَفْسٍ وَ مَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَ تَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَ قَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ».۱

ولمّا كان خلق الإنسان في هذا العالم لحكمة وهدف، فإنّ عالم الوجود هو ظرف الفعل وتأثيراته ونتائجه، وفضلاً عن دار الآخرة؛ فكلّ شخص ينال في هذا العالم أيضاً جزاء دوافعه وسعيه وسلوكه الحسّن والسيّ‏ء:
« أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى‏ * وَ أَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى‏ * وَ أَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى‏ ».۲« إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ».۳

وخلافاً للعهدين اللذين نسيا القسم الرئيس من حياة الإنسان وهو المعاد، ولم يحدّدا له مكانة واضحة، اكتسب تصوير الحياة الأبدية والمعاد في القرآن بروزاً خاصّاً وخصّص ما يقرب من ثلث آيات القرآن بهذا الموضوع المصيري.

وقد طرحت مشاهد حياة الإنسان البرزخية والاُخروية في يوم القيامة بما يثير الإعجاب، وباُسلوب تحذيري يزيل الغفلة؛ وذلك على ضوء بقاء الروح الفانية للإنسان، وهي محذّرة ومرغّبة في الوقت ذاته، حيث لا نرى ذلك في أيّ نصّ آخر:
« إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَ قَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى‏ لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَلَهُمْ * فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَ مَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ».۴

القرآن والنبوّة

تعدّ معرفة النبيّ والنبوّة جانباً آخر ممّا منح للبشرية من موضوعات قرآنية قيمّة.

واستناداً إلى نماذج النصوص المقدّسة للعهدين اللذين يدّعي أتباعهما أنّهم

1.الشمس: ۷ - ۱۰.

2.النجم: ۳۸ - ۴۰.

3.الإسراء: ۷.

4.الزلزلة: ۱ - ۸.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27424
صفحه از 616
پرینت  ارسال به