341
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

۲. معارف لا تُضاهي عن النبيّ الاُمّي‏

المعارف: منظومة معلوماتية لها دور حيوي في هداية الإنسان إلى الكمال والسعادة، وتشمل المعلومات التوصيفية والتعاليم السلوكية والنظم الأخلاقية. والقرآن مجموعة غنية من المعارف التي يحتاجها البشر في المجالات المختلفة الفكرية والعقيدية، والرؤى الأساسية عن بداية ونهاية العالم والإنسان والمجتمع، وكذلك النظم السلوكية للإنسان في جوانب الحياة الفردية والاجتماعية والمادّية والمعنوية والدنيوية والاُخروية والتي تيسّر الوصول إلى الحياة المعنوية.

ولا شكّ في أنّ استخراج الموضوعات المدونة في القرآن وتصنيفها لا يقوى عليه سوى شخص واحد. واليوم وبعد مرور قرون من تاريخ نزول القرآن وتقدّم ثقافة الإنسان وعلمه وتطورّهما بما يبهر البصر في مختلف مجالات المعارف، عمدت فرق علمية كبرى في العالم في فروع العلوم المختلفة المتعلّقة بالإلهيات، وعلم الإنسان، وعلم الطبيعة، والعلوم الإنسانية وغيرها، إلى البحث والدراسة وتوظيف الإمكانيات الواسعة للغاية والتعاون مع بعضها، وبالرغم من كلّ ذلك، فهم يعترفون بأنّ إنجازاتهم العلمية لا قيمة لها إلى جانب عظمة معارف القرآن وتعاليمه. وإعجاز القرآن في هذا المجال، أي بيان مختلف المعارف والعلوم ممّا لا غنى عنها، والهداية والتربية اللتان لا يتوصّل إليهما البشر بالمبادئ المتعارف عليها في علومهم:
« وَ يُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ».۱

۲ - ۱. المعارف الأساسية

إله العالم من وجهة نظر القرآن‏

يختلف إله العالم في القرآن اختلافاً لافتاً للنظر قياساً إلى كلّ التأمّلات والأفكار البشرية العميقة في مبدأ العالم، فهو تلك الذات الواحدة التي تتوفّر فيها كلّ كمالات

1.البقرة: ۱۵۱.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
340

« بِيَدِهِ الْمُلْكُ ».۱« وَ السَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ».۲

ويقول الزمخشري في ذيل الآية السابقة:
الغرض من هذا الكلام تصوير عظمته تعالى والتوقيف على كُنه جلاله من غير ذهاب بالقبضة ولا باليمين إلى جهة حقيقة أو جهة مجاز ... وأنّ الأفعال العِظام التي تتحيّر فيها الأفهام والأذهان ولا تكتنهها الأوهام هَيّنه عليه هواناً لا يوصل السامع إلى العقوف عليه إلّا إجراء العبارة في مثل هذه الطريقة من التخييل. ولا ترى باباً في علم البيان أدقّ ولا أرقّ ولا ألطف من هذا الباب ولا أنفع وأعون على تقاطي تأويل المشتبهات من كلام اللَّه تعالى في القرآن وسائر الكتب السماويّة وكلام الأنبياء؛ فإنّ أكثره وعلّيته تخييلات قد زلّت فيها الأقدام قديماً، وما أتي الزالّون إلّا من قلّة عنايتهم بالبحث والتنقير.۳

ويستخدم القرآن من أجل تصوير التمسّك والتبعية الشديدتين للغاية لدى اُولئك ليعكس الميّالين إلى الطبيعة والمتهرّبين من القيم المعنوية، يستخدم كلمة «الثقل» ليعكس حضيض خلودهم إلى الأرض ومحبّتهم للدنيا في أعماق شعور المخاطب. فيبدون وكأنّهم قد التصقوا بها مثل حمل ثقيل:
« مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَْرْضِ ».۴

وكلام القرآن عن كون موت المستكبرين سهلاً وعديم الأهميّة يتمثّل في هذا التعبير الجميل والبليغ الذي يوضح أن لا شي‏ء سيحدث بعد موتهم:
« فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ وَ مَا كَانُوا مُنظَرِينَ ».۵

1.الملك: ۱ .

2.الزمر: ۶۷.

3.الكشّاف: ج ۳ ص ۳۵۵ - ۳۵۶.

4.التوبة: ۳۸.

5.الدخان: ۲۹.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27360
صفحه از 616
پرینت  ارسال به