والإيجاز في الكلام هو جانب من بلاغة القرآن العظيمة، حيث حظيت باهتمام المستمعين إلى القرآن منذ العهود الاُولى.
ويشير الثعالبي - بعد أن يؤكّد تفوّق إيجاز القرآن قياساً بكلام الآخرين - إلى هذه الآية:
« وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَآءٍ ».۱
ويذكر قائلاً:
فلو أراد أحد الأعيان الأعلام في البلاغة أن يعبّر عنه لم يستطع أن يأتي بهذه الالفاظ المؤديّة عن المعنى الّذى يتضمّنها حتّى يبسط مجموعَها، ويصِل مقطوعها ويُظهر مستورها.۲
وكتب الطبرسي في شرح الآيات:
« وَ قَالَ الَّذِى نَجَا مِنْهُمَا ... فَأَرْسِلُونِ * يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا » .۳هيهنا حذف يدلّ الكلام عليه وهو : فأرسلون إلى يوسف فاُرسل فأتى يوسف في السجن وقال له: يا يوسف ايها الصديق... .۴
وقد تناول العلّامة الطباطبائي هذه الملاحظة نفسها بدقّة في تفسير آية اُخرى:
« وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ».۵
فقال:
قوله تعالي أحسن بيان لما اشتمل عليه من المضمون وأرقّ اُسلوب وأجمله، فقد وضع أساسه علي التكلّم وحده دون الغيبة ونحوها، وفيه دلالة علي كمال العناية