للاعتراف بأنّ هذا الكلام لا مثيل له بين كلام البشر:
فَوَاللَّهِ ما هُوَ بِشِعرٍ وَ لا بِسِحرٍ و لا بِهَذّى جُنُونٍ، و اِنّ قَولَهُ مِن كَلامِ اللَّهِ... إنَّ لَهُ لَحَلاوَةً و إنَّ عَلَيهِ لَطَلاوَةً و إنَّ اَعلاهُ لَمُثمِرٌ و إنَّ أسفَلهُ لَمُغدِقٌ و إنَّه يَعلو و لا يُعْلى عَلَيهِ .۱
وقد أثار هذا الكلام غضب المشركين فاضطرّ أن يقول شيئاً في ذمّ القرآن؛ ولذلك نزلت هذه الآية بشأنه:
«ثُمَّ أَدْبَرَ وَ اسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ ».۲
وقد جاء عتبة بن ربيعة إلى النبيّ صلى اللّه عليه و آله ، وكان من وجهاء قريش، كي يحثّه على أن يكفّ عن ادّعائه النبوّة، فقرأ النبيّ صلى اللّه عليه و آله عليه الآيات الاُولى من سورة فصّلت. وعندما عاد من مجلس النبيّ صلى اللّه عليه و آله ، قال:
واللَّه، ما سمعت مثله قطّ. واللَّه، ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة. يا معشر قريش، أطيعوني واجعلوها بي، خلّوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه، فواللَّه، ليكونَنّ لقوله الّذي سمعت منه نبأ عظيم.۳
وكانت مواطن الجمال في القرآن محيّرة وشاملة إلى درجة أرغمت أبرز أعداء القرآن - مثل الوليد بن مغيرة والأخنس بن شريق وعمرو بن هشام - على استراق السمع إليه ليلاً!۴وجاءت في القرآن إشارات عابرة إلى تصرّفهم هذا:
«نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَ إِذْ هُمْ نَجْوَى ».۵
وكانوا في الوقت نفسه يحذّرون الناس من الاستماع إليه، كي يحولوا دون تأثيراته السحرية فيهم: