هذا الموضوع في بعد خاصّ، وأوكل معرفة هذه الأبعاد إلى فكر البشر. والحقّ أنّنا لا نستطيع أن نحدّد إعجاز القرآن بجهة خاصّة.
ومع كلّ ذلك يمكن اعتبار إعجاز القرآن ذا خصوصية حسّية ومعنوية؛ لأنّه يستهدف فكر الإنسان من جهة، وقلبه وحسّه من جهة اُخرى؛ ولذلك فإنّه ينبّه كلاًّ من الحسّين الداخلي والخارجي، وبالطبع فإنّ كلّ واحد من هذين المحورين يمكن أن يضمّ عناوين كثيرة.
۱. الإعجاز في الهندسة البنيوية للقرآن
يمثّل القرآن مظهراً من جمال منقطع النظير للَّه الحميد۱، وهو مشحون. المعاني السامية، وبمواطن الحسن والجذّابية اللامحدودة ممّا يدخل البهجة والحيوية على قلوب مخاطبية ونفوسهم.
وبشهادة التاريخ واعتراف أهل اللغة المؤالف منهم والمخالف، فإنّ نصّ القرآن لا مثيل له في السلاسة والبلاغة، فالهندسة المؤلّفة لكلماته واُسلوبه الخاصّ والبديع لم ولن يظهر مثلهما قبله ولا بعده.
إنّ اللغة الناطقة بالحقيقة، والأنغام الساحرة، والبشارات المطمئنة للقلوب، والتحذيرات المنبّهة للنفوس، كلّ ذلك جعل من القرآن آية باهرة وقف أمامها اُمراء البلاغة والفصاحة مبهورين ليهتفوا قائلين:
... إنّ القرآن ليس نثراً، كما أنه ليس شعراً، إنّما هو قرآن، ولا يمكن أن يسمّى بغير هذا الاسم.۲
وقد اعترف خالد بن عقبة الاُموي بعد أن طلب من النبيّ الأكرم صلى اللّه عليه و آله قراءة القرآن مرّتين، وبعد أن أصغى سمعه للآية «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسَانِ »۳، فإنّه قال:
وَاللَّهِ إنّ لَهُ لَحَلاوَةً، و إنّ عليهِ لَطَلاوَةً، و إنّ أوَّلَهُ لَمُغدِقٌ، و إنّ آخِرَهُ لَمُثمِرٌ، و ما يقولُ