303
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

والجَذَعِ الأزلَم ، ما انتهَكَت اُسَيدٌ مِن مَحرَم» ! وذلِكَ قَد ذَكَرَ في خِلافٍ وَقَعَ بَينَ قَومٍ أتَوهُ مِن أصحابِهِ !
وقالَ أيضاً : «واللّيل الدامِسِ ، والذّئبِ الهامِسِ ، ما قطعت اُسيد من رطبٍ ولا يابِسٍ»!
وكانَ يَقولُ : «والشاءِ وألوانِها ، وأعجبها السّودُ وألبانها ، والشاةِ السّوداءِ ، واللَّبنِ الأبيَضِ ، إنّه لعجبٌ مَحضٌ ، وقد حرم المذق ، فما لكم لا تجتمعون» !
وكانَ يَقولُ : «ضِفدِعُ بنت ضِفدِعَينِ ، نقّي ما تنقّين ، أعلاك في الماء وأسفلك في الطين ، لا الشارب تمنعين ، ولا الماء تكدّرين ، لنا نصف الأرض ولقريش نصفها ، ولكن قريشاً قوم يعتدون» !
وكانَ يَقولُ : «والمبدِياتِ زَرعاً ، والحاصِداتِ حَصداً ، والذّارياتِ قَمحاً ، والطّاحناتِ طَحناً ، والخابزاتِ خَبزاً ، والثّاردات ثَرداً ، واللّاقماتِ لَقماً ، إهالَةً وسَمناً ، لقد فُضّلتم على أهل الوَبَرِ ، وما سَبَقَكُم أهلُ المَدَرِ ، ريفَكم فَامنعوه ، والمُعترَّ فآووه ، والباغي فناوئوه» !
وقالَت سَجاحُ بِنتُ الحارِثِ بنِ عُقبانَ - وكانَت تَتَنَبَّأُ - فَاجتَمَعَ مُسَيلِمَةُ مَعَها ، فَقالَت لَهُ : ما اُوحِيَ إلَيكَ ؟
فَقالَ : «ألم تَرَ كَيفَ فعل ربُّكَ بالحُبلى‏ ، أخرج منها نسمةً تَسعى‏ ، ما بين صِفاقٍ وحَشىً» !
وقالَت : فَما بَعدَ ذلِكَ ؟
قالَ : اُوحِيَ إلَيَّ : «إنّ اللَّهَ خلق النِّساءَ أفواجاً ، وجعل الرّجالَ لهنّ أزواجاً ، فنُولِجُ فيهن قَعَساً إيلاجاً ، ثُمَّ نُخرِجُها إذا شِئنا إخراجاً ، فَيُنتِجنَ لنا سِخالاً نِتاجاً» !
فَقالَت : أشهَدُ أنَّكَ نَبِيٌّ !!
ولَم نَنقُل كُلَّ ما ذُكِرَ مِن سُخفِهِ ، كَراهِيَةَ التَّثقيلِ .
ورُوِيَ : أنَّهُ سَأَلَ أبو بَكرٍ الصِّدّيقُ أقواماً قَدِموا عَلَيهِ مِن بَني حَنيفَةَ ، عَن هذِهِ


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
302

فَلَم يُؤتَ مُسَيلِمَةُ بِصَبِيٍّ فَحَنَّكَهُ ومَسَحَ رَأسَهُ إلّا قَرِعَ ولَثِغَ ، وَاستَبانَ ذلِكَ بَعدَ مَهلَكِهِ .
وقالوا : تَتَبَّع حيطانَهُم كَما كانَ مُحَمَّدٌ صلى اللّه عليه و آله يَصنَعُ فَصَلِّ فيها .
فَدَخَلَ حائِطاً مِن حَوائِطِ اليَمامَةِ فَتَوَضَّأَ ، فَقالَ نَهارٌ لِصاحِبِ الحائِطِ : ما يَمنَعُكَ مِن وَضوءِ الرَّحمنِ فَتَسقِيَ به حائِطَكَ حَتّى‏ يَروى‏ ويَبتَلَّ كَما صَنَعَ بَنُو المهرِيَّةِ أهلُ بَيتٍ مِن بني حَنيفَةَ - وكانَ رَجُلٌ مِنَ المهرِيَّةِ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى اللّه عليه و آله فَأَخَذَ وَضوءَهُ فَنَقَلَهُ مَعَهُ إلَى اليَمامَةِ فَأَفرَغَهُ في بِئرِهِ ، ثُمَّ نَزَعَ وسَقى‏ وكانَت أرضُهُ تَهومُ فَرَوِيَت وجَزَأَت فَلَم تُلفَ إلّا خَضراءُ مُهتَزَّةٌ - فَفَعَلَ فَعادَت يَباباً لا يَنبُتُ مَرعاها .
وأتاهُ رَجُلٌ فَقالَ : اُدعُ اللَّهَ لِأَرضي فَإِنَّها مُسبَخَةٌ ، كَما دَعا مُحَمَّدٌ صلى اللّه عليه و آله لِسُلَمِيٍّ عَلى‏ أرضِهِ . فَقالَ : ما يَقولُ يا نَهارُ ؟ فَقالَ : قَدِمَ عَلَيهِ سُلَمِىٍّ وكانَت أرضُهُ سَبخَةً فَدَعا لَهُ وأعطاهُ سَجلاً مِن ماءٍ ومَجَّ لَهُ فيهِ ، فَأَفرَغَهُ في بِئرِهِ ثُمَّ نَزَعَ فَطابَت وعَذُبَت . فَفَعَلَ مِثلَ ذلِكَ فَانطَلَقَ الرَّجُلُ فَفَعَلَ بِالسَّجلِ كَما فَعَلَ سُلَمِيٌّ ، فَغَرِقَت أرضُهُ فَما جَفَّ ثَراها ولا أدرَكَ ثَمَرُها.
وأتَتهُ امرأَةٌ فَاستَجلَبَتهُ إلى‏ نَخلٍ لَها يَدعو لَها فيها ، فَجَزَّت كَبائِسَها۱ يَومَ عَقرَباءَ كُلَّها ، وكانوا قَد عَلِموا وَاستَبانَ لَهُم ؛ ولكِنَّ الشَّقاءَ غَلَبَ عَلَيهِم .۲

۳۱۲. إعجاز القرآن : أمّا كَلامُ «مُسَيلِمَةَ» الكَذّابِ ، وما زَعَمَ أنَّهُ قُرآنٌ ، فَهُوَ أخَسُّ مِن أن نَشتَغِلَ بِهِ ، وأسخَفُ مِن أن نُفَكِّرَ فيهِ. وإنَّما نَقَلنا مِنهُ طَرَفاً لِيَتَعَجَّبَ القارِئُ ، ولِيَتَبَصَّرَ النّاظِرُ ، فَإِنَّهُ عَلى‏ سَخافَتِهِ قَد أضَلَّ ، وعَلى‏ رَكاكَتِهِ قَد أزَلَّ ، وَمَيدَانُ الجَهلِ واسِعٌ! ومَن نَظَرَ فيما نَقَلناهُ عَنهُ ، وفَهِمَ مَوضِعَ جَهلِهِ ، كانَ جَديراً أن يَحمَدَ اللَّهَ عَلى‏ ما رَزَقَهُ مِن فَهمٍ ، وآتاهُ مِن عِلمٍ .
فَمِمّا كانَ يَزعُمُ أنَّهُ نَزَلَ عَلَيهِ مِنَ السَّماءِ : «واللّيل الأطخَمِ ، والذّئبِ الأدلَم ،

1.الكِباسة - بالكسر - : العِذْقُ ، وهو من التمر بمنزلة العنقود من العنب (الصحاح : ج ۳ ص ۹۶۹ «كبس») .

2.تاريخ الطبري : ج ۳ ص ۲۸۲ .

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27746
صفحه از 616
پرینت  ارسال به