وحَشىً . وأشياءُ مِن هذَا الكَلامِ السَّخيفِ الرَّكيكِ البارِدِ السَّميجِ.
وقَد أورَدَ أبو بَكرِ بنُ الباقِلانِيِّ في كتابِهِ «إعجازُ القُرآنِ» أشياءَ مِن كَلامِ هؤُلاءِ الجَهَلَةِ المُتَنَبِّئينَ ؛ كَمُسَيلِمَةَ وطُلَيحَةَ وَالأَسوَدِ وسَجاحَ وغَيرِهِم ، مِمّا يَدُلُّ عَلى ضَعفِ عُقولِهِم وعُقولِ مَنِ اتَّبَعَهُم عَلى ضَلالِهِم ومَحالِهِم.
وقَد رَوَينا عَن عَمرِو بنِ العاصِ أنَّهُ وَفَدَ إلى مُسَيلِمَةَ في أيّامِ جاهِلِيَّتِهِ ، فَقالَ لَهُ مُسَيلِمَةُ: ماذا اُنزِلَ عَلى صاحِبِكُم في هذَا الحينِ؟ فَقالَ لَهُ عَمرٌو: لَقَد اُنزِلَ عَلَيهِ سورَةٌ وَجيزَةٌ بَليغَةٌ ، فَقالَ: وما هِيَ؟ قالَ: اُنزِلَ عَلَيهِ « وَ الْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَنَ لَفِى خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَ عَمِلُواْ الصَّلِحَتِ وَ تَوَاصَوْاْ بِالْحَقِّ وَ تَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ ».
قالَ : فَفَكَّرَ مُسَيلِمَةُ ساعَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ فَقالَ : و لَقَد اُنزِلَ عَلَيَّ مِثلُها ، فَقالَ لَهُ عَمرٌو: وما هِيَ؟ فَقالَ مُسَيلِمَةُ: يا وَبَرُ يا وَبَرُ ، إنَّما أنتَ إيرادٌ وصَدَرٌ ، وسائِرُكَ حَفرُ نُقَرٍ.
ثُمَّ قالَ: كَيفَ تَرى يا عَمرُو؟
فَقالَ لَهُ عَمرٌو: وَاللَّهِ إنَّكَ لَتَعلَمُ أنّي أعلَمُ أنَّكَ تَكذِبُ.۱
۳۰۹. سير أعلام النبلاء عن عمرو بن العاص : مَرَرتُ عَلى مُسَيلِمَةَ ، فَأَعطانِي الأَمانَ ، ثُمَّ قالَ: إنَّ مُحَمَّداً اُرسِلَ في جَسيمِ الاُمورِ ، واُرسِلتُ فِي المُحَقَّراتِ .
قُلتُ: اِعرِض عَلَيَّ ما تَقولُ .
فَقالَ: يا ضِفدِع ، نقِّي فإنّك نعم ما تَنِقِّينَ ، لا زاداً تنقّرين ، ولا ماءً تكدّرين . ثُمَّ قالَ: يا وَبَر يا وَبَر ، وَيدانِ وصَدر ، وبيانُ خلقِهِ حَفرٌ.
ثُمَّ اُتِيَ بِاُناسٍ يَختَصِمونَ في نَخَلاتٍ قَطَعَها بَعضُهُم لِبَعضٍ. فَتَسَجّى قَطيفَةً ، ثُمَّ كَشَفَ رَأسَهُ ، ثُمَّ قالَ: والليل الأدهَم ، والذئب الأسحَم ، ما جاء ابن أبي مسلم من مجرم۲ . ثُمَّ تَسَجَّى الثّانِيَةَ ، فَقالَ: واللّيل الدّامِس ، والذّئب الهامِس ، ما حُرمتُه رَطباً