وقَولُهُ: « اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا » ، وقَولُهُ: « تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ » ، وقَولُهُ: « الَّذِينَ تَتَوَفَّل-هُمُ الْمَلَل-ِكَةُ ظَالِمِى أَنفُسِهِمْ » ، وقَولُهُ: « تَتَوَفَّل-هُمُ الْمَلَل-ِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَمٌ عَلَيْكُمُ » فَإِنَّ اللَّهَ تَبارَكَ وتَعالى يُدَبِّرُ الاُمورَ كَيفَ يَشاءُ ، ويُوَكِّلُ مِن خَلقِهِ مَن يَشاءُ بِما يَشاءُ ، أمّا مَلَكُ المَوتِ فَإِنَّ اللَّهَ يُوَكِّلُهُ بِخاصَّةِ مَن يَشاءُ مِن خَلقِهِ ، ويُوَكِّلُ رُسُلَهُ مِنَ المَلائِكَةِ خاصَّةً بِمَن يَشاءُ مِن خَلقِهِ ، وَالمَلائِكَةُ الَّذينَ سَمّاهُمُ اللَّهُ عَزَّ ذِكرُهُ وَكَّلَهُم بِخاصَّةِ مَن يَشاءُ مِن خَلقِهِ ، إنَّهُ تَبارَكَ وتَعالى يُدَبِّرُ الاُمورَ كَيفَ يَشاءُ ، ولَيسَ كُلُّ العِلمِ يَستَطيعُ صاحِبُ العِلمِ أن يُفَسِّرَهُ لِكُلِّ النّاسِ ، لِأَنَّ مِنهُمُ القَوِيَّ وَالضَّعيفَ ، ولِأَنَّ مِنهُ ما يُطاقُ حَملُهُ ومِنهُ ما لا يُطاقُ حَملُهُ ، إلّا مَن يُسَهِّلُ اللَّهُ لَهُ حَملَهُ وأعانَهُ عَلَيهِ مِن خاصَّةِ أولِيائِهِ ، وإنَّما يَكفيكَ أن تَعلَمَ أنَّ اللَّهَ هُوَ المُحيِي المُميتُ وأنَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ عَلى يَدَي مَن يَشاءُ مِن خَلقِهِ مِن مَلائِكَتِهِ وغَيرِهِم.
قالَ: فَرَّجتَ عَنّي فَرَّجَ اللَّهُ عَنكَ يا أميرَ المُؤمِنينَ ، ونَفَعَ اللَّهُ المُسلِمينَ بِكَ.
فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام لِلرَّجُلِ : إن كُنتَ قَد شَرَحَ اللَّهُ صَدرَكَ بِما قَد بَيَّنتُ۱ لَكَ فَأَنتَ وَالَّذي فَلَقَ الحَبَّةَ وبَرَأَ النَّسَمَةَ مِنَ المُؤمِنينَ حَقّاً .
فَقالَ الرَّجُلُ: يا أميرَ المُؤمِنينَ ، كَيفَ لي أن أعلَمَ بِأَنّي مِنَ المُؤمِنينَ حَقّاً؟
قالَ عليه السلام : لا يَعلَمُ ذلِكَ إلّا مَن أعلَمَهُ اللَّهُ عَلى لِسانِ نَبِيِّهِ صلى اللّه عليه و آله ، وشَهِدَ لَهُ رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله بِالجَنَّةِ ، أو شَرَحَ اللَّهُ صَدرَهُ لِيَعلَمَ ما فِي الكُتُبِ الَّتي أنزَلَهَا اللَّهُ عزّ و جلّ عَلى رُسُلِهِ وأنبِيائِهِ.
قالَ: يا أميرَ المُؤمِنينَ ، ومَن يُطيقُ ذلِكَ؟
قالَ: مَن شَرَحَ اللَّهُ صَدرَهُ ووَفَّقَهُ لَهُ ، فَعَلَيكَ بِالعَمَلِ للَّهِِ في سِرِّ أمرِكَ وعَلانِيَتِكَ ؛ فَلا شَيءَ يَعدِلُ العَمَلَ.۲