263
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

الأَجواءِ وشَقَّ الأَرجاءِ وسَكائِكَ‏۱ الهَواءِ ، فَأَجرى‏ فيها ماءً مُتَلاطِماً تَيّارُهُ ، مُتَراكِماً زخّارُهُ‏۲ . حَمَلَهُ عَلى‏ مَتنِ الرّيحِ العاصِفَةِ ، وَالزَّعزَعِ‏۳ القاصِفَةِ ، فَأَمَرَها بِرَدِّهِ ، وسَلَّطَها عَلى‏ شَدِّهِ ، وقَرَنَها إلى‏ حَدِّهِ . الهَواءُ مِن تَحتِها فَتيقٌ ، وَالماءُ مِن فَوقِها دَفيقٌ .۴
ثُمَّ أنشَأَ سُبحانَهُ ريحاً اعتَقَمَ مَهَبَّها۵ وأدامَ مُرَبَّها۶ ، وأعصَفَ مَجراها وأبعَدَ مَنشاها ، فَأَمَرَها بِتَصفيقِ الماءِ الزَّخّارِ ، وإثارَةِ مَوجِ البِحارِ ، فَمَخَضَتهُ‏۷ مَخضَ السِّقاءِ ، وعَصَفَت بِهِ عَصفَها بِالفَضاءِ ، تَرُدُّ أوَّلَهُ إلى‏ آخِرِهِ ، وساجِيَهُ‏۸ إلى‏ مائِرِهِ‏۹ ، حَتّى‏ عَبَّ عُبابُهُ ، ورَمى‏ بِالزَّبَدِ رُكامُهُ ، فَرَفَعَهُ في هَواءٍ مُنفَتِقٍ ، وجَوٍّ مُنفَهِقٍ‏۱۰ ، فَسَوّى‏ مِنهُ سَبعَ سَماواتٍ ، جَعَلَ سُفلاهُنَّ مَوجاً مَكفوفاً ، وعُلياهُنَّ سَقفاً مَحفوظاً ، وسَمْكاً مَرفوعاً ، بِغَيرِ عَمَدٍ يَدعَمُها ، ولا دِسارٍ۱۱يَنظِمُها . ثُمَّ زَيَّنَها بِزينَةِ الكَواكِبِ ، وضِياءِ الثَّواقِبِ ، وأجرى‏ فيها سِراجاً مُستَطيراً ، وقَمَراً مُنيراً ، في فَلَكٍ دائِرٍ ، وسَقفٍ سائِرٍ ،

1.السُّكاك : الجوُّ ، وهو ما بين السماء والأرض (النهاية : ج ۲ ص ۳۸۵ «سكك») .

2.زخر : زخر البحر : أي مدّ وكثُر ماؤه وارتفعت أمواجه (النهاية : ج ۲ ص ۲۹۹ «زخر») .

3.ريحٌ زَعْزَعٌ : شديدة (لسان العرب : ج ۸ ص ۱۴۲ «زعع») .

4.الدُّفاق : المطر الواسع الكثير (النهاية : ج ۲ ص ۱۲۵ «دفق») .

5.اعتقم مهبّها : جعل هبوبها عقيماً ، والريح العقيم لا تلقح سحاباً ولا شجراً .

6.قوله «وأدام مربّها» : قال قطب الدين الراوندي : أي أدام جمع الريح للماء وتسويتها له . قلت : تقرير ذلك أنّ الماء لمّا كان مقرّ الريح التي انتهت إليه وعملت في تحريكه ، كان ذلك هو مربّها أي الموضع الذي لزمته وأقامت به . فقوله : «وأدام مربّها» أي ملازمتها لتحريك الماء . ويحتمل أن يكون قد شبّهها في كونها سبباً للآثار الخيريّة وفي كثرتها وقوّتها بالديمة ، فكان محلّها ومقرّها الذي تصل إليه وتقيم به ، قد أدامه اللَّه : أي سقاه ديمة (شرح نهج البلاغة لابن ميثم : ص ۱۰۱) .

7.المَخْضُ : تحريك السِّقاء الذي فيه اللبن ؛ ليخرُج زُبْدُه (النهاية : ج ۴ ص ۳۰۷ «مخض») .

8.الساجي : أي الساكن (النهاية : ج ۲ ص ۳۴۵ «سجا») .

9.مار الشي‏ء يمور موراً : إذا جاء وذهب (النهاية : ج ۴ ص ۳۷۱ «مور») .

10.الفَهق : هو الامتِلاء والاتّساع (النهاية : ج ۳ ص ۴۸۲ «فهق») .

11.الدِسار : المِسْمار وجمعه دُسُر (النهاية : ج ۲ ص ۱۱۶ «دَسَرَ») .


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
262

بِزينَةِ رِياضِها ، وتَزدَهي بِما اُلبِسَتهُ مِن رَيطِ أزاهيرِها ، وحِليَةِ ما سُمِّطَت بِهِ مِن ناضِرِ أنوارِها ، وجَعَلَ ذلِكَ بَلاغاً لِلأَنامِ ورِزقاً لِلأَنعامِ ، وخَرَقَ الفِجاجَ في آفاقِها وأقامَ المَنارَ لِلسّالِكينَ عَلى‏ جَوادِّ طُرُقِها .۱

۲۶۵. عنه عليه السلام : فَلَمّا سَكَنَ هَيجُ الماءِ مِن تَحتِ أكنافِها ، وحَملِ شَواهِقِ الجِبالِ الشُّمَّخِ البُذَّخِ عَلى‏ أكتافِها ، فَجَّرَ يَنابيعَ العُيونِ مِن عَرانينِ اُنوفِها ، وفَرَّقَها في سُهوبِ بِيدِها وأخاديدِها .۲

۲۶۶. عنه عليه السلام : أرسى‏ أوتادَها ، وضَرَبَ أسدادَها ، وَاستَفاضَ عُيونَها ، وخَدَّ أودِيَتَها ، فَلَم يَهِن ما بَناهُ ، ولا ضَعُفَ ما قَوّاهُ .۳

و - نَشأَةُ الكَونِ‏

الكتاب‏

« ثُمَّ اسْتَوَى‏ إِلَى السَّمَاءِ وَ هِىَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَالِعِينَ » .۴

« قُلْ أَلِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِى خَلَقَ الْأَرْضَ فِى يَوْمَيْنِ وَ تَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَ لِكَ رَبُّ الْعَلَمِينَ » .۵

« ءَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَل-هَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّلهَا * وَ أَغْطَشَ لَيْلَهَا وَ أَخْرَجَ ضُحَل-هَا * وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذَ لِكَ دَحَل-هَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَ مَرْعَل-هَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَل-هَا » .۶

الحديث‏

۲۶۷. الإمام عليّ عليه السلام - مِن خُطبَةٍ لَهُ يَصِفُ فيها خَلقَ العالَمِ - : ثُمَّ أنشَأَ - سُبحانَهُ - فَتقَ

1.نهج البلاغة : الخطبة ۹۱ عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج ۵۷ ص ۱۱۲ ح ۹۰ .

2.نهج البلاغة : الخطبة ۹۱ عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج ۵۷ ص ۱۱۱ ح ۹۰ .

3.نهج البلاغة : الخطبة ۱۸۶ ، الاحتجاج : ج ۱ ص ۴۷۸ ح ۱۱۶ ، أعلام الدين : ص ۶۰ ، بحار الأنوار : ج ۵۷ ص ۳۰ ح ۶ .

4.فصّلت : ۱۱ .

5.فصّلت : ۹ .

6.النازعات : ۲۷ - ۳۲ .

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27768
صفحه از 616
پرینت  ارسال به