عَلَى الرُّكَبِ ، وكُنّا كَفَرَسَي رِهانٍ ، قالوا : مِنّا نَبِيٌّ يَأتيهِ الوَحيُ مِنَ السَّماءِ! فَمَتى نُدرِكُ مِثلَ هذِهِ؟ وَاللَّهِ لا نُؤمِنُ بِهِ أبَداً و لا نُصَدِّقُهُ. قالَ: فَقامَ عَنهُ الأَخنَسُ وتَرَكَهُ.۱
۲۴۸. السيرة النبويّة لابن هشام عن محمّد بن كعب القرظيّ : حُدِّثتُ أنَّ عُتبَةَ بنَ رَبيعَةَ - وكانَ سَيِّداً - قالَ يَوماً وهُوَ جالِسٌ في نادي قُرَيشٍ ، ورَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله جالِسٌ فِي المَسجِدِ وَحدَهُ : يا مَعشَرَ قُرَيشٍ ، ألا أقومُ إلى مُحَمَّدٍ فَاُكَلِّمَهُ وأعرِضَ عَلَيهِ اُموراً لَعَلَّهُ يَقبَلُ بَعضَها فَنُعطيهِ أيَّها شاءَ ، و يَكُفُّ عَنّا؟ و ذلِكَ حينَ أسلَمَ حَمزَةُ و رَأَوا أصحابَ رَسولِ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله يَزيدونَ و يَكثُرونَ ، فَقالوا : بَلى يا أبَا الوَليدِ! قُم إلَيهِ فَكَلِّمهُ .
فَقامَ إلَيهِ عُتبَةُ حَتّى جَلَسَ إلى رَسولِ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله ، فَقالَ : يَابنَ أخي! إنَّكَ مِنّا حَيثُ قَد عَلِمتَ ؛ مِنَ السِّطَةِ۲ فِي العَشيرَةِ ، وَ المَكانِ فِي النَّسَبِ ، و إنَّكَ قَد أتَيتَ قَومَكَ بِأَمرٍ عَظيمٍ فَرَّقتَ بِهِ جَماعَتَهُم ، و سَفَّهتَ بِهِ أحلامَهُم ، و عِبتَ بِهِ آلِهَتَهُم و دينَهُم ، و كَفَّرتَ بِهِ مَن مَضى مِن آبائِهِم ، فَاسمَع مِنّي أعرِض عَلَيكَ اُموراً تَنظُرُ فيها لَعَلَّكَ تَقبَلُ مِنها بَعضَها.
قالَ : فَقالَ لَهُ رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله : قُل - يا أبَا الوَليدِ - ، أسمَع.
قالَ : يَابنَ أخي! إن كُنتَ إنَّما تُريدُ بِما جِئتَ بِهِ مِن هذَا الأَمرِ مالاً جَمَعنا لَكَ مِن أموالِنا حَتّى تَكونَ أكثَرَنا مالاً ، و إن كُنتَ تُريدُ بِهِ شَرَفاً سَوَّدناكَ عَلَينا ، حَتّى لا نَقطَعُ أمراً دونَكَ ، و إن كُنتَ تُريدُ بِهِ مُلكاً مَلَّكناكَ عَلَينا ، و إن كانَ هذَا الَّذي يَأتيكَ رَئِيّاً۳ تَراهُ لا تَستَطيعُ رَدَّهُ عَن نَفسِكَ ، طَلَبنا لَكَ الطِّبَّ ، و بَذَلنا فيهِ أموالَنا حَتّى نُبرِئَكَ مِنهُ ، فَإِنَّهُ رُبَّما غَلَبَ التّابِعُ عَلَى الرَّجُلِ حَتّى يُداوى مِنهُ - أو كَما قالَ لَهُ - .
حَتّى إذا فَرَغَ عُتبَةُ ، و رَسولُ اللَّهِ صلى اللّه عليه و آله يَستَمِعُ مِنهُ ، قالَ : أقَد فَرَغتَ يا أبَا الوَليدِ؟
1.السيرة النبويّة لابن هشام : ج ۱ ص ۳۳۷ ، تفسير ابن كثير : ج ۳ ص ۲۴۶ و ج ۵ ص ۸۱ كلاهما نحوه ، البداية و النهاية : ج ۳ ص ۶۴ نحوه .
2.وَسَطتُ القَومَ أسِطُهم سِطَةً : أي توسَّطتهم . وفلانٌ وسيط في قومه : إذاكان أوسَطَهُم نَسَباً وأرفَعَهُم محلاًّ (الصحاح : ج ۳ ص ۱۱۶۷ «وسط» ) .
3.الرَّئيُّ : هو التابع من الجنّ بوزن كَمِيّ ، سمّي به لأنّه يتراءى لمتبوعه (النهاية : ج ۲ ص ۱۷۸ «رأى») .