243
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

أمام كلّ نوع من الزيادة والنقصان والتغيير فيه.۱

الثاني: وجود مصحف أمير المؤمنين عليه السلام

المراد من مصحف أمير المؤمنين عليه السلام القرآن الذي أعدّه بناءً على أمر النبيّ صلى اللّه عليه و آله بعد وفاته مباشرة، ولم يُعَر له اهتمام بعد ذلك عند تقديمه، واختفى عن الأنظار للأبد، وتناقله الأئمّة عليهم السلام باعتباره تراثهم العلمي، وهو الآن في حوزة الإمام المهديّ عليه السلام حسب بعض الروايات.۲

يرى المحدّث النوري أنّ وجود مصحف أمير المؤمنين عليه السلام يدلّ على نفوذ التحريف في المصحف الحالي‏۳، فلو لم تكن في ذلك المصحف زيادة على المصحف الحالي، لما كان وجه لردّه من قبل الصحابة.

نقد الدليل‏

نظراً إلى الشواهد التاريخية والروائية المختلفة التي جاءت في مصادر الفريقين، فإنّ من غير الممكن التشكيك في وجود مصحف أمير المؤمنين عليه السلام ۴، وعلى سبيل المثال: ينقل ابن النديم (الورّاق في القرن الرابع) أنّ عليّاً عليه السلام أقسم عند وفاة النبيّ صلى اللّه عليه و آله عندما رأى شؤم الناس أن لا يُلقي رداءه حتّى يجمع القرآن، ثم لزم بيته وجمع القرآن.۵

ويقول محمد بن سيرين نقلاً عن عكرمة:
إنّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام لزم البيت في بداية خلافة أبي بكر وجمع القرآن.۶

1.راجع: دائرة المعارف قرآن كريم: ج ۶ ص ۳۲۹.

2.الكافي: ج ۸ ص ۱۸؛ بحار الأنوار: ج ۳۱ ص ۲۰۵؛ شرح أصول الكافي: ج ۱۱ ص ۲۳۶.

3.البيان: ص ۲۲۳.

4.البيان: ص ۲۲۳.

5.الفهرست: ص ۳۰ وراجع : بحار الأنوار: ج ۲۸ ص ۲۶۶.

6.الإتقان في علوم القرآن: ج ۱ ص ۱۶۱.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
242

كُتب في عهد النبيّ صلى اللّه عليه و آله ودُوّن على شكل مصاحف؛ أي مجموعات متفرّقة على الأقلّ، كما كانت مرحلة الجمع والتدوين في عهد أبي بكر ومرحلة توحيد المصاحف في عهد عثمان مقترنة بالإشراف التقريري للإمام عليّ عليه السلام . علماً أنّ القرآن كتب كلّه في عهد النبيّ صلى اللّه عليه و آله إلّا أنّه لم يكن قد جُمع في موضع واحد؛ استناداً إلى ما ذكر السيوطي والمؤرخون الآخرون والباحثون القرآنيون‏۱. وقد ألّف الباحثون في القرآن وعلماء الشيعة الكثير في هذا المجال وذكروا أدلّة الموضوع‏۲. وكان عمل عثمان عبارة عن إلغاء القراءات التي لم تؤخذ عن رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ، وتوحيد المصاحف، والاكتفاء بنصوص الآيات مع حذف تأويل نصّ القرآن وتفسيره، من دون أن يؤدّي ذلك إلى التحريف في الألفاظ۳؛ على أنّ هذا الإجراء لا يمكن اعتباره خارجاً عن إشراف أمير المؤمنين عليه السلام ، فبالرغم من أنّ الإمام عليّاً عليه السلام لم يَتَولّ رئأسة فريق الجمع والتوحيد، إلّا أنّه كان شاهداً ومُشرفاً على ما حدث، ولم يسجّل أي اعتراض عنه عليه السلام في هذا المجال.

كما أنّ أئمّة أهل البيت عليهم السلام كانوا كلّهم متمسّكين بالقرآن الحالي، وأيّدوا حجّيته، واستفادوا منه بعينه في احتجاجاتهم وأدعيتهم وصلواتهم؛ وبناءً عليه فإنّ من غير الممكن إنكار الإشراف التقريري للأئمّة المعصومين عليهم السلام .

وعلى فرض قبول الصغرى، فكبرى القياس غير صحيحة، فليس من الممكن أن نثبت أنّ كلّ نصّ جُمع من دون إشراف المعصوم فهو محرّف جزماً. ويعدّ اهتمام المسلمين البالغ بالقرآن، ووجود عدد كبير من حفّاظه والصحف المنتشرة في جميع أرجاء العالم الإسلامي والتي كان القرآن مكتوباً فيها؛ من العوامل التي تسدّ الطريق

1.الإتقان في علوم القرآن: ج ۱ ص ۱۶۰.

2.للنموذج ، راجع: الذخيرة في علم الكلام: ص ۳۶۴ - ۳۶۵؛ مثالب النواصب (مخطوطة سپهسالار). الورقة ۴۷۱؛ أجوبة مسائل جار اللَّه: ص ۲۵؛ حقائق هامة حول القرآن الكريم: ص ۲۰ - ۵۰؛ البيان: ص ۲۳۹ - ۲۵۷.

3.البيان: ص ۲۵۷ - ۲۵۸؛ دائرة المعارف قرآن كريم: ج ۶ ص ۳۱۰.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27260
صفحه از 616
پرینت  ارسال به