ويمكننا إرجاع هذه الأدلّة الخمسة إلى ثلاثة أدلّة رئيسة، وهي: تدوين القرآن في عهد الخلفاء، ووجود مصحف أمير المؤمنين عليه السلام ۱، ووجود مصاحف الصحابة. وسنقوم فيما يلي بدراسة هذه الأدلّة الثلاثة:
الأوّل: تدوين القرآن في عهد الخلفاء
إنّ الإبهام في تاريخ جمع القرآن وتدوينه - كما وردت الإشارة إليه في بداية هذا البحث - يعدّ من أرضيّات ظهور شبهة التحريف؛ وعلى هذا الأساس فقد كان المحدّث النوري يرى في زمان تأليف كتابه أنّ النقصان نفذ في القرآن من جهتين؛ لأنّ القرآن جُمع ودوّن في عهد الخلفاء ودون إشراف المعصوم، فاُسلوب جمع آيات القرآن من خلال مراجعة ما كان الأشخاص قد كتبوه على الأدوات البسيطة أو استناداً إلى محفوظاتهم، يهيّيء الأرضية الطبيعية لفقدان قسم من الآيات.
وفضلاً عن ذلك فإنّ الشواهد التاريخية تدلّ على أنّ عثمان حذف ومنع كتابة بعض الآيات التي كانت تضع حُكمَه تت الاستفهام، أو كانت تشير إلى ولاية أمير المؤمنين عليه السلام بصراحة۲؛ وبناءً عليه فإنّ المحدّث النوري يرى أن لا مناص من قبول نفوذ التحريف في القرآن من نوع النقصان.
ويمكننا أن نوضح هذا الدليل كالتالي: جُمِعَ القرآن ودُوّن في عهد عثمان دون إشراف المعصوم (الصغرى)، وجَمعُ القرآن دون إشراف المعصوم يهيّيء الأرضية لنفوذ النقصان من باب الخطأ أو العمد (الكبرى)، وعلى هذا فقد نفذ التحريف في القرآن من نوع النقصان (النتيجة).
نقد الدليل
إن صغرى القياس وكبراه مرفوضتان كلتاهما؛ لأنّ ادعاء جمع القرآن وتدوينه في عهد عثمان و من دون إشراف وصيّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله مرفوضان من الأساس؛ لأنّ القرآن