241
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

ويمكننا إرجاع هذه الأدلّة الخمسة إلى ثلاثة أدلّة رئيسة، وهي: تدوين القرآن في عهد الخلفاء، ووجود مصحف أمير المؤمنين عليه السلام ۱، ووجود مصاحف الصحابة. وسنقوم فيما يلي بدراسة هذه الأدلّة الثلاثة:

الأوّل: تدوين القرآن في عهد الخلفاء

إنّ الإبهام في تاريخ جمع القرآن وتدوينه - كما وردت الإشارة إليه في بداية هذا البحث - يعدّ من أرضيّات ظهور شبهة التحريف؛ وعلى هذا الأساس فقد كان المحدّث النوري يرى في زمان تأليف كتابه أنّ النقصان نفذ في القرآن من جهتين؛ لأنّ القرآن جُمع ودوّن في عهد الخلفاء ودون إشراف المعصوم، فاُسلوب جمع آيات القرآن من خلال مراجعة ما كان الأشخاص قد كتبوه على الأدوات البسيطة أو استناداً إلى محفوظاتهم، يهيّي‏ء الأرضية الطبيعية لفقدان قسم من الآيات.

وفضلاً عن ذلك فإنّ الشواهد التاريخية تدلّ على أنّ عثمان حذف ومنع كتابة بعض الآيات التي كانت تضع حُكمَه تت الاستفهام، أو كانت تشير إلى ولاية أمير المؤمنين عليه السلام بصراحة۲؛ وبناءً عليه فإنّ المحدّث النوري يرى أن لا مناص من قبول نفوذ التحريف في القرآن من نوع النقصان.

ويمكننا أن نوضح هذا الدليل كالتالي: جُمِعَ القرآن ودُوّن في عهد عثمان دون إشراف المعصوم (الصغرى)، وجَمعُ القرآن دون إشراف المعصوم يهيّي‏ء الأرضية لنفوذ النقصان من باب الخطأ أو العمد (الكبرى)، وعلى هذا فقد نفذ التحريف في القرآن من نوع النقصان (النتيجة).

نقد الدليل‏

إن صغرى القياس وكبراه مرفوضتان كلتاهما؛ لأنّ ادعاء جمع القرآن وتدوينه في عهد عثمان و من دون إشراف وصيّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله مرفوضان من الأساس؛ لأنّ القرآن

1.فصل الخطاب: ص ۱۲۰ - ۱۲۴.

2.صيانة القرآن من التحريف: ص ۲۱۰ - ۲۱۳.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
240

الروايات المعنية بالتحريف المعنوي‏

جاء لفظ التحريف في بعض الروايات، والمراد منه التحريف المعنوي والتفسير بالرأي، لا التحريف اللفظي‏۱، مثل رواية الإمام الصادق عليه السلام حيث يقول:
اَللَّهُمَّ العَنِ الّذينَ كَذَّبوا رُسُلَكَ وَ هَدَموا كَعبَتَكَ وَ حَرَّفوا كِتابَكَ .۲

ومن الواضح أنّ المقصود من التحريف في هذه الرواية التحريف المعنوي، لا التحريف اللفظي، فلو كان المقصود به التحريف اللفظي والظاهري، لكان المراد من تكذيب الأنبياء أو هدم الكعبة: التكذيب والهدم الظاهري للكعبة، أيضاً في حين أنّ التكذيب في الاُمّة الإسلامية لم يتحقّق إلا بمعناه المعنوي، ولم يهدم أحد الكعبة، بل أفرغوها من معناها وهويتها الحقيقية، كما ورد التصريح بذلك في روايات اُخرى. والشاهد على هذا الادّعاء رواية عن الإمام الباقر عليه السلام يخاطب فيها سعدَ الخير حيث جاء فيها:
وَ كانَ مِن نَبذِهِمُ الكِتابَ أَن أَقاموا حُرُوفَه وَ حرَّفوا حُدودَهُ .۳

وتدلّ دراسة الروايات على أنّ أيّاً منها لايدلّ بصراحة على نفوذ التحريف في القرآن.

۳. الأدلّة التاريخية لمدّعي التحريف‏

يمكننا اعتبار خمسة أدلّة من بين الأدلّة الاثنتي عشرة للمحدّث النوري أدلّةً تاريخية، وهي: اُسلوب جمع القرآن، ووجود مصحف الإمام عليّ عليه السلام ، ووجود مصحف عبداللَّه بن مسعود۴، ووجود مصحف اُبيّ بن كعب‏۵، وحذف الآيات بأمر عثمان.

1.البيان: ص ۲۲۶ - ۲۲۸.

2.كامل الزيارات: ص ۱۹۷؛ الخصال: ص ۱۷۴؛ بحار الأنوار: ج ۹۸ ص ۱۵۰.

3.الكافي: ج ۸ ص ۵۳؛ البيان: (العلامة البلاغي): ص ۲۲۹.

4.فصل الخطاب: ۱۳۵ - ۱۴۳.

5.فصل الخطاب: ص ۱۴۴ - ۱۴۸.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27828
صفحه از 616
پرینت  ارسال به