237
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

التحريف وتأييدها، ولكن يحدث كثيراً أنّ الرواية الواحدة نُقلت بأشكال عديدة: أحياناً بشكل مسند، وأحياناً مرسل، ومن مصدر واحد أو عدّة مصادر، وبعبارات متشابهة أو من خلال النقل بالمعنى، وبالتقطيع أو بدونه، وبالتكرار في المناسبات والأبواب العديدة.۱

ثمّ إنّ القسم الأكبر من هذه الروايات نقلت من مصادر غير معتبرة وتفتقر إلى الطريق الموثوق به، أو إنها ذات ضعف في السند. واعتبر الرجاليون رواة ومؤلّفي تلك الكتب ضعفاء وغلاة۲ومتّهمين ومجهولين‏۳، مثل: أحمد بن محمد السيّاري، وإبراهيم بن إسحاق النهاوندي، وحسين بن حمدان الخصيب‏ي (الحضيني)، ومحمّد بن علي أبي سمينة الكوفي ومحمّد بن سليمان الديلمي، والحسن بن عليّ بن أبي حمزة.

والقليل من هذه الروايات هو المعتبر من حيث السند، على أنّه يعاني من الإشكال الدلالي أو قابل للتأويل‏۴، مع أنّه لم يقصد فيها التحريف اللفظي كما سترد الإشارة إلى ذلك. والمراد من التحريف فيها هو التحريف المعنوي والنقصان في تفسير آيات القرآن وبيانها واختلاف القراءات، وهو ما لا علاقة له بالتحريف اللفظي‏۵. وحتى إذا لم نجد تأويلاً صحيحاً لها فإنّها ساقطة لا محالة؛ بسبب

1.راجع: آلاء الرحمن: ج ۱ ص ۶۵.

2.راجع: «بررسي نقش غاليان در روايات تحريف قرآن» (رسالة ماجستير في علوم القرآن والحديث - محمد حسن الأحمدي): ص ۱۱۸ و استناداً إلى هذه الدراسة، فان من مجموع أكثر من ألف رواية توهم التحريف روي ما يقرب من ثلثيها (۶۱۳رواية) عن طريق الغلاة.

3.آلاء الرحمن: ص ۲۶.

4.راجع: القرآن و روايات المدرستين: ج ۳ ص ۲۲۲ - ۲۲۳ و ۸۴۷، البيان (العلامة البلاغي): ص ۲۳۹، دائرة المعارف قرآن كريم: ج ۶ ص ۳۱۱ - ۳۱۸ مدخل" تحريف نابذيري قرآن" وسلامة القرآن من التحريف: ص ۱۱۹ - ۱۲۵، قام المؤلف في هذا الكتاب بتصنيف أحاديث فصل الخطاب للنوري ودرسها من حيث اعتبار السند والمصدر.

5.القرآن و روايات المدرستين: ج ۳ ص ۲۲۲ - ۲۲۳ و ۸۴۷؛ البيان: (العلامة البلاغي) ص ۲۲۹.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
236

بحيث لم تكن توجد لا في المصحف الأصلي - الذي كان أساس المصاحف الاُخرى - ولا في النسخ التي كانت تحت تصرّف الصحابة؛ ولذلك فإنّ هؤلاء الأشخاص، وعلى الرغم من كلّ التأثير والقدرة اللتين كانوا يتمتّعون بهما بين الصحابة، لم يكن بمقدورهم فرض آرائهم، فهل يمكن بمثل هذه النقول إثبات مثل هذا الادّعاء الكبير بشأن القرآن الذي هو أكبر وثيقة للإسلام؟

وفضلاً عن إجاباتنا الأساسية عن هذه الروايات، فإنّ على أهل السنّة أيضاً أن يردّوا على هذا القبيل من الروايات استناداً إلى اُصولهم الرجالية والحديثية.

الثاني: روايات أهل البيت عليهم السلام

ذكر المحدّث النوري بعض روايات أهل البيت عليهم السلام كدليل آخر على نفوذ التحريف في القرآن، وقسّم هذه الروايات‏۱ إلى مجموعتين: عامّة وخاصّة۲. ومراده من الروايات العامّة: تلك التي تؤيّد الادّعاء بنحو غير صريح، ومن الروايات الخاصّة: تلك التي تدلّ على تحريف القرآن بنحو صريح وظاهر.

نقد الدليل‏

يجب أن نعلم أنّ عموم الروايات التي استند إليها المحدّث النوري ضعيفة من الناحية السندية أو الدلالية أو من كلتا الناحيتين. وإشكالها السندي هو عدم اعتبار عدد من المصادر المستند إليها، وضعف أو انتحال عدد من الروايات التي استند إليها. والإشكال الدلالي هو عدم دلالة الروايات على ادّعاء التحريف، حيث سنقوم بدراستها، ونورد فيما يلي إيضاح هذا القول:

أوّلاً: الإشكال السندي‏

قدّم المحدّث النوري في كتابه حجماً واسعاً نسبياً من الروايات لتعزيز شبهة

1.راجع: صيانة القرآن من التحريف: ص ۲۳۹.

2.فصل الخطاب: ص ۲۳۴ و ۲۵۰؛ صيانة القرآن من التحريف: ص ۲۳۹ - ۲۴۰؛ سلامة القرآن من التحريف: ص ۱۱۶ - ۱۱۷.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27626
صفحه از 616
پرینت  ارسال به