231
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

(اليهود والنصارى) سيجري في هذه الاُمّة، وممّا جري في الاُمم السابقة هو تحريف الكتب السماوية، ومقتضي تشابه الأحداث بين الاُمم السالفة والاُمّة الإسلامية هي وقوع تحريف القرآن.۱

نقد الدليل‏

نُقِد الاستدلال بتشابه أحداث الاُمم بأنحاء مختلفة، حيث إنّ بعض النقود منصبّة على عدم اكتمال الصغرى، ودلّ بعضها على أنّ كبرى القياس مخدوشة.

ولا شكّ في أنّ الكثير من أحداث الاُمم الغابرة - مثل قتل الأنبياء - لم تقع بين الاُمّة الإسلامية؛ وبناءً على ذلك لا يمكن اعتبار مفاد الروايات التطابق الكامل بين الأحداث، بل يجب القول بكفاية التطابق الإجمالي. كما يُحمل التحريف على التحريف المعنوي.۲

ويبدو أنّ مفاد الروايات النبوية بخصوص تكرّر أحداث الاُمم السابقة هو في مقام بيان أنّ البشر لهم هوية واحدة، وأنّ ميولهم الطبيعية ورغباتهم الفطرية لا تتغيّر بمرور الزمان والمكان وتعاقب الاُمم. وقد جاء هذا الموضوع في آيتين على الأقلّ؛ حيث يؤكّد القرآن أنّ هنالك أشخاصاً بين الاُمّة الإسلامية طلبوا من النبيّ صلى اللّه عليه و آله أن يتحدّث اللَّه معهم ويقدّم آيةً على نبوّته، وذلك من منطلق التشابه بين القلوب:
«وَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا ءَايَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْأَيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ».۳

وهو يؤكّد في سورة التوبة - على أساس هذا التشابه بين الأنفس - أنّ منافقي الاُمّة الإسلامية يجرون وراء شهوات الدنيا والانغماس في لذّات الباطل، كما كان

1.فصل الخطاب في تحريف الكتاب: ص ۹۵.

2.راجع: البيان للخوبي: ص ۲۲۱.

3.البقرة: ۱۱۸.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
230

السيّد أحمد الزنجاني، وآية اللَّه ناصر مكارم الشيرازي وغيرهم رأوه عن قرب، وأيّدوا الجانب الإعجازي لحفظه القرآن.

المقدمة الثانية:

إنّ محفوظاته كانت تطابق القرآن بشكل دقيق. وهذه المقدّمة أكيدة هي أيضاً حسب شهادة الأشخاص الذين شهدوا هذه الحادثة.

دراسة أدلّة مدعي التحريف‏

من خلال التأمل في أدلّة القائلين بالتحريف، يمكن تقسيمها إلى قسمين: عقلي ونقلي.

۱. الأدلّة العقلية

قدم المحدّث النوري اثني عشر وجهاً للاستدلال على دعوى التحريف، حيث يمكن اعتبار ثلاثة أدلّة منها عقلية على ما يُصطلح عليه. وهذه الأدلّة هي: تشابه ما حدث للاُمم، وضرورة التصريح باسم أهل البيت عليهم السلام في القرآن مثل الكتب السماوية الاُخرى، ووجود اختلاف القراءات في القرآن. وسوف ندرس هذه الأدلّة فيما يلي:

الأول: تشابه الأحداث التي مرّت بها الاُمم‏

يقول المحدّث النوري:
لا شكّ في تحريف وتغيير العهدين (التوراة والإنجيل). ويدلّ عليه آيات الكتاب والروايات المتواترة وإجماع المسلمين. مضافاً إلي ذلك فإنّ التأمّل في العهدين كافٍ لإثبات تحريفهما.۱

من جانب آخر فقد دلّت الروايات الكثيرة علي أنّ ما جري في الاُمم السالفة

1.فصل الخطاب في تحريف الكتاب: ص ۳۵ - ۹۵.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27556
صفحه از 616
پرینت  ارسال به