وتغييره فإنّه يتعارض مع دليل التواتر ويُرفض ولا يؤخذ به.۱
الثالث: دلالة محتوى القرآن على براءته من التحريف
يرى المرحوم العلّامة الطباطبائي أنّ محتوى القرآن يشهد هو نفسه علي براءته من التحريف، ويقول في هذا المجال إنّ آيات التحدّي في القرآن ذكرت أوصافاً لهذا الكتاب السماوي تمّ التحدي بها، وإنّ تلك الأوصاف موجودة في المصحف الحالي۲. فالمراد وجود مجموعة الأوصاف المشار إليها وتكاثرها بنحو جماعي، يوصل العقل والوجدان إلى مثل ذلك اليقين والاطمئنان، لا كلّ واحد من تلك الأوصاف.
وخلاصة كلام العلّامة الطباطبائي هي: نحن نعلم أنّ الكتاب المنزل على النبيّ محمّد صلى اللّه عليه و آله ذكر لنفسه بعض الخصائص بصراحة أو على سبيل الكناية وتحدّى الآخرين بها، وهذه الخصوصيات موجودة في القرآن الحالي. وعلى سبيل المثال: فإنّ فصاحة القرآن وبلاغته المنقطعة النظير مشهودة بالنسبة إلى من يعرف الكلام الفصيح والبليغ، ولا يمكننا أن نجد منذ عهد نزول القرآن وحتّى اليوم شعراً أو نثراً بلغ هذا المستوى من الفصاحة والبلاغة. وهذه الخصوصية تطالعنا في جميع أرجاء القرآن، حيث يقول القرآن الكريم نفسه:
«أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ».۳
وعدم وجود الاختلاف والتناقض بين آيات القرآن والذي تشير إليه هذه الآية ما يزال يُفهَم في جميع أرجائه، وجاءت آياته بعضها الي جانب بعض بتناسق مدهش. وتعدّ المعارف والحقائق وكليات التشريعات الفطرية والدقائق العقلية والفضائل الأخلاقية التي ابتكرها وأبدعها القرآن الكريم، من الوجوه الاُخرى لتحدّي القرآن، وهي موجودة الآن فيه، ودعا إليها عامة علماء العالم لا أهل اللغة والأدب فقط، ومن