221
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

الروايات تسقط تلك المجموعة الضعيفة من حيث السند أو المعنى، وروايات المجموعة الثانية هنا هي مصداق الروايات الضعيفة التي توهم بتحريف القرآن‏۱. وفضلاً عن ذلك فإنّ تنافيها مع القرآن يسقطها عن الاعتبار وفقاً للنصوص.

۳. القرائن التاريخية على نفي شبهة التحريف‏

من ضروريات التاريخ أنّ بعثة النبيّ محمّد صلى اللّه عليه و آله حدثت قبل أربعة عشر قرناً وآمن به العرب وغيرهم، وقد جاء بكتاب اسمه القرآن ونسبه إلى اللَّه سبحانه، وضمّ هذا القرآن معارف وعموميات الشريعة التي دعا النبيّ صلى اللّه عليه و آله الناسَ إليها، كما أنّ من مسلّمات التاريخ أنّه صلى اللّه عليه و آله تحدّى بهذا القرآن نفسه واعتبره معجزة نبوّته، كما أنّه لا مجال للشكّ في أنّ القرآن الحالي هو القرآن نفسه الذي قرأه على الناس المعاصرين له. ولم يكن من شأن هذا الكتاب أن يزول ويكتب أشخاص آخرون كتاباً آخر مثله أو غيره وينسبوه إليه صلى اللّه عليه و آله . وقد أذعن الجميع لهذه الحقيقة حتّى المعارضون. والمسألة الوحيدة التي احتملها بعضُهم هي أن تكون قد نقصت منه جملة أو آية، أو حدث تغيير في كلماته أو إعرابه، إلّا أنّ أصل هذا الكتاب باقٍ بنفس الحالة والاُسلوب الذي كان في عهد رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله .۲

وسوف نسعى الآن لإلقاء نظرةٍ على بعض الشواهد التاريخية الدالّة على عدم إمكانية تحريف القرآن:

الأوّل: الاهتمام الكبير للمسلمين بحفظ القرآن وكتابته كاملاً

يبدو من الشواهد التاريخية المتقنة أنّ العرب المعاصرين لظهور الإسلام كانوا يتمتّعون بذاكرة قويّة، ويمتلكون القدرة على أن يحفظوا في صدورهم القصائد الطويلة ودواوين الشعراء. وبعد بعثة النبيّ الأعظم صلى اللّه عليه و آله أدّى اهتمام العرب بالشعر

1.سلامة القرآن من التحريف: ص ۳۱.

2.الميزان في تفسير القرآن: ج ۱۲ ص ۱۰۴ - ۱۰۵.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
220

غير ممكنة، فقد تكون الحجّة في المقطع المحذوف أو الذي طرأ عليه التغيير، أو كانت القرينة عليه فيهما.۱

الرابعة. استناد أهل البيت إلى القرآن الحالي‏

تفيد الروايات الكثيرة أنّ أهل البيت عليهم السلام كانوا يتمسّكون بالقرآن الحالي دوماً في المناسبات المختلفة، حتّى بالآيات التي ادُّعي تحريفها؛ مثل الآية: «أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الْأَمْرِ مِنكُمْ » حيث فسّرت روايات أهل البيت عليهم السلام «أُولِى الْأَمْرِ » بأئمّة أهل البيت الاثني عشر.۲

الخامسة. أحاديث الأمر بالتمسّك بالمصحف الحالي وتلاوته وختمه‏

يفيد الكثير من الروايات بأنّ أئمّة أهل البيت عليهم السلام كانوا يدعون المسلمين دوماً إلى التمسّك بالقرآن الحالي وتلاوته وختمه، أو كانوا يلفتون الانتباه - من خلال الإشارة إلى هذا المصحف الكريم نفسه - إلى الفوائد التكوينية والمعنوية لختم القرآن. وعدّ الشيخ الطوسي في بداية تفسيره القيّم التبيان في تفسير القرآن - من خلال بيان هذا الدليل وبعض الأدلّة الاُخرى - هذه الطائفة من الروايات «متناصرة»، وبيّن أنّ البحث في التحريف ضعيف إلى درجة بحيث إنّه لا يستحقّ الردّ عليه.۳

والروايات المختلفة التي ذكر بعضها تسدّ الطريق بكلّ حزم أمام جميع أنواع التحريف، وتشهد أنّ القرآن الحالي هو نفس الكتاب الذي نزل على النبيّ صلى اللّه عليه و آله . ويستند علماء الشيعة إلى هذه الروايات من جهتين، الاُولى: إثبات سلامة القرآن من التحريف. والثانية: رفض الروايات التي يوهم ظاهرها بالتحريف، فعند تعارض

1.راجع: التبيان في تفسير القرآن: ج ۱ ص ۳؛ البيان: ص ۲۱۱ - ۲۱۴؛ دايرة المعارف قرآن كريم: ج ۶ ص ۳۲۸.

2.الكافي: ج ۱ ص ۲۷۶ ص ۲۹۵.

3.التبيان في تفسير القرآن: ج ۱ ص ۳.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27326
صفحه از 616
پرینت  ارسال به