219
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

القُرآنُ هُدىً مِنَ الضَّلالَةِ ، وتِبيانٌ مِنَ العَمى‏ ، وَ... وما عَدَلَ أحَدٌ عَنِ القُرآنِ إلّا إلَى النّارِ .۱

ويمكن اعتبار هذا النوع من الروايات من الدلائل الروائية على عدم تحريف القرآن، فلو كانت هناك إمكانية لتحريفه، فلا يمكن حينئذٍ اعتباره بنحوٍ مطلق ودون قيد ملجأً للمسلمين في كلّ الفتن في حين ابتلي بالفتنة هو نفسه!

الثالثة: حديث الثقلين‏

يعدّ هذا الحديث في غاية الاعتبار في الردّ على ادعاء تحريف القرآن، وبإمكاننا أن نستدلّ به من ثلاث جهات:

الاُولى: جاء في هذا الحديث في روايات معتبرة وعديدة:
إنّى مُخلِّفٌ فيكُمُ الثَّقلَينِ : كتابَ اللَّه و عِترَتى ... .۲

ويدلّ التعبير «مخلّف فيكم» على أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله سوف يغيب عن الناس، إلّا أنّه يخلّف شيئين بدلاً منه بين الاُمّة: أحدهما كتاب اللَّه بأجمعه لا قسم منه. والجملة الاسمية تفيد الثبات والدوام. وفضلاً عن ذلك فالعبارات في ذيل هذه الروايات نفسها (روايات الثقلين) تدلّ بوضوح على استمرار هذا التنبّؤ والوعد الضمني لرسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله حتّى يوم القيامة.

الثانيه: صُرّح في هذا الحديث بلزوم التمسك بالقرآن في جميع الأعصار، والاعتقاد بالتحريف ينفي هذا التمسّك من الناحية العملية.

الثالثة: إنّ القول بالتحريف ينفي حجّية ظواهر القرآن واعتبارها، فهو ينفي التمسّك بالتالي، ولا شكّ في أنّ السقط، أو تبديل أقسام من نصّ ما، يجعل من غير الممكن فهم ذلك النصّ بشكل واضح، ومن ثمّ تصبح حجّيته وقابليته للاحتجاج

1.راجع: ج ۲ ص ۲۳ ح ۷۶۳.

2.راجع: دانش‏نامه قرآن و حديث: ج ۹ ص ۴۱۸ ح ۱۹۵ وللتعرف أكثر على الروايات المتواترة لهذا الحديث، راجع: دانش‏نامه قرآن و حديث: ج ۹ ص ۴۱۸ - ۴۷۳.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
218

وجه الترجيح. وقد جاءت هذه الطائفة من الروايات بنحو واسع في المصادر الحديثية للشيعة، وبنحو محدود في مصادر أهل السنّة الحديثية. وعلى سبيل المثال فقد قال الإمام الصادق عليه السلام نقلاً عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله :
فَما وافَقَ كِتابَ اللَّهِ فَخُذوهُ و ما خَالَفَ كِتابَ اللَّهِ فَدَعوهُ .۱

والفرضية المسبقة لضرورة عرض الأحاديث على القرآن تقتضي أن يكون القرآن - الذي هو المعيار للتمييز بين الروايات المعتبرة من غيرها - مصوناً من كلّ نقص وانتحال وتصرّف. وبعبارة اُخرى: إنّ القرآن هو معيار تمييز الروايات الصحيحة، وإذا نفذ التحريف إلي القرآن فإنّ من غير الممكن التيقّن من أنّه سالم بنفسه، ولا معنى لإرجاع الأحاديث إلى المعيار الذي لا نعلم سلامته، وهكذا فلو كان غير مصون من النقصان والتحريف، لما كان بإمكانه أن يكون مقياساً مطلقاً للأحاديث المشكوك فيها، فإذا أخذنا بنظر الاعتبار سعة حجم الأحاديث، وعدم ضبط المواضع والأنواع المقتضية للشكّ في الروايات، فإنّ أيّ نقصان في القرآن من شأنه أن يضرّ بالإطلاق المشار إليه في كون القرآن مقياساً لسلامة الأحاديث؛ وبناءً على ذلك فإنّ الدلالة واضحة لهذه الطائفة من الأحاديث ولا مجال للشكّ فيها.

الثانية. مرجعية القرآن عند الفتنة

ذكر في روايات معتبرة أنّ على المسلمين الرجوع إلى القرآن عند حدوث الفتن، وليس لهذه الروايات أي قيد، فهي تأمر المسلمين بنحو عام ومطلق بالرجوع إلى القرآن، مثل رواية النبي صلى اللّه عليه و آله التي تقول:
إذَا التَبَسَت عَلَيكُمُ الفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيلِ المُظلِمِ فَعَلَيكُم بِالقُرآنِ .۲

وكذلك:

1.وسائل الشيعة: ج ۲۷ ص ۱۱۰؛ الكافي: ج ۱ ص ۶۹؛ صيانة القرآن من التحريف: ص ۵۱.

2.راجع: ج ۲ ص ۲۰ ح ۷۴۹.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27353
صفحه از 616
پرینت  ارسال به