الثانية: آية نفي الباطل
من جملة الآيات التي تدلّ بوضوح على عدم نفوذ أيّ نوع من التدخّل والتصرّف في القرآن: آية نفي الباطل۱:
«وَ إِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ».۲
وفيما يلي إيضاح دلالة هذه الآية على هذا الادّعاء:
۱. تدلّ هذه الآية - استناداً إلى سياق الآيات قبلها التي تطرح سعي الكافرين لمواجهة القرآن - على عدم نفوذ الباطل فيه.۳
وتؤكّد آية نفي الباطل - المنسجمة مع مثل هذا السياق - ثبات القرآن وعدم إمكانية نفوذ الباطل فيه. ونفي نفوذ الباطل في القرآن ينفي كلّ الأنواع الدائرة مدار الباطل، مع الأخذ بنظر الاعتبارأنّ سعة الباطل في المعنى، وتناقض القرآن مع المعطيات العلمية ونفوذ أنواع التحريف فيه، تعدّ من جملة مصاديق الباطل.
ولأنّ هذه الآية هي في مقام الإخبار، وتخلّف الإخبار الإلهي محال، فإنّ من الواجب الإذعان لعدم إمكانية نفوذ أيّ نوع من التدخّل والتصرّف في القرآن.
۲. القسم الأول؛ أي «مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ » الذي يطلق على الأشياء الحاضرة، يراد منه عهد الرسالة ومرحلة نزول القرآن، وقسمها الثاني؛ أي «وَ لَا مِنْ خَلْفِهِ » يشير إلى مرحلة ما بعد النزول التي تمتدّ من زمان وفاة النبيّ الأعظم صلى اللّه عليه و آله وحتّى القيامة.
۳. استخدمت الآية البرهانين اللمّي والإنّي لنفي التحريف؛ وذلك بأن ذُكر القرآن في الفقرة الأخيرة من الآية السابقة باعتباره «الكتاب العزيز»: «وَ إِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ». والعزيز مأخوذ من قولهم «الأرض العَزاز» أي الأرض غير القابلة للنفوذ، ومعنى