209
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

التحريف اصطلاحاً

يتّضح مما بيناه في المعنى اللغوي للتحريف ومواضع الآيات السابقة أنّ التحريف - في اصطلاح علوم القرآن واستخدام الآيات المتعلقّة به - استخدم في نفس معناه اللغوي وهو: تغيير ألفاظ القرآن بالتقليل من الحروف، أو الإضافة إليها، أو تغيير مواضع الحروف والكلمات والجمل القرآنية وأو التفسير غير الصحيح لها بحيث يخرج المفهوم الذي يريده المتكلّم عن النطاق الصحيح والمطلوب ويستخدم في مفهوم آخر.

أقسام التحريف‏

التحريف على قسمين: معنوي ولفظي. وفي التحريف المعنوي - أو التفسير بالرأي الخاطئ‏۱ - يفسّر المحرّف آيات القرآن دون التدخّل والتصرّف في ألفاظها على أساس آرائه الشخصية من أجل تأييد وجهة نظره، فيفرض في الحقيقة رؤيته على القرآن ويقدّم معنى مخالفاً للرأي الذي يريده اللَّه.

وأما التحريف اللفظي فإنه يعني التدخل والتصرّف في صيغ ألفاظ القرآن وعباراته، ويقسم إلى ثلاثة أنواع:

۱ . التحريف عن طريق الزيادة : أي أن يضيف المحرّف من عند نفسه آية أو سورة.

۲. التحريف عن طريق النقصان: أي أن يحذف المحرّف قسماً من كلمات القرآن، أو آياته أو سوره.۲

وأما التحريف عن طريق التبديل، مثل تغيير كلمة «أبوا» إلى «أتَوا» أو تغيير عبارة إلى عبارة اُخرى وما إلى ذلك، فإنّه في الحقيقة، تركيب من النوعين

1.راجع: البيان: ص ۱۹۷؛ نزاهت قرآن از تحريف: ص ۱۸ - ۱۹.

2.البيان للخوئي: ص ۲۰۰.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
208

«وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُ نَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ».۱

تتحدّث هذه الآية عن التحريف اللفظي والأساسي للتوراة في القراءة، حيث كان اليهود يقرؤون العبارة التي اصطنعوها بالأسلوب المتعارف عليه في تلاوة التوراة:
«فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَ وَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ ».۲

والحديث في هذه الآية عن التحريف اللفظي والأساسي للتوراة في الكتابة، فنقرأ في صدر الآية ۴۶ من سورة النساء:
«مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ».۳

وتتحدّث هذه الآية ببيان مطلق عن تحريف كلام الوحي الإلهي في التوراة، ويمكن حمله على كلّ من التحريف اللفظي والتحريف المعنوي، ولذلك حمله بعض المفسّرين على الوجه اللفظي، وبعض آخر على الوجه المعنوي.

وهكذا الآيتان ۱۳ و ۱۴ من سورة المائدة: يقول القرآن في مواصلة الآية نفسها:
«وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيَّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِى الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً ».۴

والحديث في هذا القسم من الآية عن التحريف اللفظي للتوراة في القراءة، حيث كانوا يقرؤون عبارات التوراة مغيّرين وجه تلفظها أو التلاعب بها بحيث توحي للمخاطب معنى آخر.

1.آل عمران: ۷۸.

2.البقرة: ۷۹.

3.النساء: ۴۶.

4.النساء: ۴۶.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27735
صفحه از 616
پرینت  ارسال به