189
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

كما تفيد إحدى الروايات عن ابن عبّاس: أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله كان يدرك من خلال نزول البسملة انقضاء السورة السابقة وبداية السورة اللاحقة۱. وكانت بعض الروايات المذكورة (في ترتيب الآيات خلافاً لترتيب النزول) بشكل خاصّ وموضعي وخلافاً للأسلوب الشائع في ترتيب الآيات على أساس النزول.۲

ومع ذلك، فإن بعض الباحثين لم يأخذوا بتوقيفية كلّ آيات القرآن. وقد أذعن العلّامة الطباطبائي بأنّ الكثير من سور القرآن كان معروفاً قبل وفاة النبيّ صلى اللّه عليه و آله بين المسلمين، وأنّ أسماء هذه السور وصلتنا في أحاديث عديدة في رواية صلاة رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ، ولكنّه يرى أنّ الروايات والأدلّة المذكورة لا تُثبت توقيفية ترتيب كلّ آيات القرآن‏۳، ويستنتج - من خلال الاستناد إلى الروايات التي تروي كتابة القرآن حسب ترتيب النزول وتعتبر انفصال كل سورة بنزول «بِسْمِ اللَّهِ» - أنّ ترتيب القرآن في عهد النبيّ صلى اللّه عليه و آله كان على أساس النزول؛ وعلى هذا الأساس يجب أن تكون الآيات المكّية في السور المكّية، والمدنية في السور المدنية. كما تؤيّد هذا الرأي رواية جمع القرآن في مصحف الإمام عليّ عليه السلام الذي كان حسب ترتيب النزول، في حين أنّ روايات أسباب النزول الغفيرة تُفيد بأنّ آيات كثيرة في السور المدنية نزلت في مكّة، أو آيات نزلت في آخر حياة النبيّ صلى اللّه عليه و آله إلّا أنّها صنّفت ضمن السور النازلة في بداية الهجرة؛ وعلى هذا فمن الطبيعي أن يكون هذا الترتيب باجتهاد بعض الصحابة.۴

المسألة الرابعة: كيفية توحيد المصاحف

كانت الأخبار تصل في عهد خلافة عثمان سنة (۲۵ق)۵ من مناطق شتّي بأن

1.عن بعض الروايات المذكورة سالفاً، راجع: تاريخ اليعقوبي: ج ۲ ص ۳۴؛ الميزان في تفسير القرآن، ج ۱۲ ص ۱۲۷؛ التمهيد: ج ۱ ص ۲۷۵.

2.راجع: التمهيد: ج ۱ ص ۲۷۵.

3.قرآن در إسلام: ص ۱۲۹ - ۱۳۰.

4.الميزان في تفسير القرآن: ج ۱۲ ص ۱۲۵.

5.المرشد الوجيز، ص ۵۸؛ مباحث في علوم القرآن: ص ۸۳؛ تاريخ قرآن، راميار: ص ۴۳۵.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
188

۳. الروايات التي كان رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله يجعل على أساسها - وبإشارة جبرائيل - بعض الآيات في سور خاصة۱؛ مثل الرواية التي تقول: إنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله جعل الآية «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسَانِ»۲في سورة النحل بعد نزولها۳. وقد نقلت هذه الرواية بطريقين أيدهما ابن كثير.۴

۴. الروايات الدالّة على أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله كان يأمر شخصياً بوضع الآيات المتفرّقة في سور خاصة.۵

۵. الروايات الكثيرة التي تذكر أسماء سور القرآن مع ذكر ثواب وفضائل لقراءتها۶. وقد جمعت هذه الروايات في كتب خصائص القرآن وفضائله.

ويبدو أنّه على الرغم من توجيه بعض الإشكالات إلى الروايات المذكورة؛ مثل الإرسال وضعف السند وعدم تمام الدلالة۷، إلا أنّ من الممكن ترجيح توقيفية ترتيب الآيات من مجموعها، مضافاً إلي اهتمام النبي صلى اللّه عليه و آله البالغ بالمحافظة على القرآن، وكذلك ميل غالبية الباحثين القرآنيين إلى هذا الرأي. فضلاً عن أنّ الترتيب الحالي لمعظم آيات القرآن يطابق ترتيب النزول كما جاء في روايات الفريقين، فإنّ كتّاب الوحي كانوا يكتبون الآيات متتالية وحسب ترتيب النزول، وكلّما نزلت بسملة كانوا يفهمون منها انتهاء السورة السابقة وبداية سورة اُخرى، كما قال الإمام الصادق عليه السلام :
كانَ يُعرَفُ اِنقِضاءُ سُورَةٍ بِنُزُول «بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ» اِبتِداءً لِاُخرى .۸

1.البرهان في علوم القرآن: ج ۱ ص ۱۶۸ (نوع ۱۳).

2.النحل: ۹۰.

3.راجع: المحرر الوجيز: ج ۱ ص ۳۷۸.

4.راجع: تفسير ابن كثير: ج ۴ ص ۵۱۲ - ۵۱۳.

5.البرهان في علوم القرآن: ج ۱ ص ۲۳۲.

6.التمهيد: ج ۱ ص ۲۷۵؛ بحوث في تاريخ القرآن وعلومه: ص ۱۰۱.

7.راجع : پژوهشى در مصحف إمام علي عليه السلام : ص ۲۰۳ فما بعدها.

8.تفسير العياشي: ج ۱ ص ۱۹ ح ۷.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 30820
صفحه از 616
پرینت  ارسال به