185
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

اللَّه صلى اللّه عليه و آله ، إذ لم يغادر بيتَه بعد وفاة النبيّ صلى اللّه عليه و آله حتّى جمع القرآن‏۱. رغم أن جهاز الخلافة لم يعترف بمصحف علي عليه السلام لبعض الأسباب.۲

الرأي الثالث: توقيفية معظم سور القرآن‏

يرى فريق من الباحثين القرآنيين توقيفية ترتيب معظم سور القرآن، إلّا أنّهم يعتبرون في نفس الوقت ترتيب عدد قليل من السور مثل سورة التوبة، أو تقديم سورتين أو ثلاث سور وتأخيرها، اجتهادياً ومتعلّقاً بما بعد النبيّ صلى اللّه عليه و آله ، ومن جملة هذا الفريق: البيهقي (ت ۴۵۸ق) وابن عطية (ت ۵۲۴ق)۳ وابن حجر (ت ۸۵۲ق)۴ والسيوطي (ت ۹۱۱ق)۵وبعض المعاصرين.۶

ويرى ابن عطية أنّه مع أخذ الأخبار بنظر الاعتبار، فترتيب السبع الطوال والحواميم والمفصّلات - التي تضمّ بأجمعها قسماً كبيراً من القرآن ترتيب توقيفي، ولكنّ ترتيب بعض آخر اجتهادي.۷

وأمّا أبو جعفر بن الزبير فيرى أنّ الروايات تدلّ على أكثر ممّا قاله ابن عطية۸، ويعتبر السيوطي رأي البيهقي الذي يقول بتوفيقية كلّ السور سوى براءة والأنفال موضعاً للثقة؛ استناداً إلى رواية ابن عبّاس.۹

1.راجع: المصاحف: ج ۱ ص ۱۶۹ - ۱۷۰؛ عمدة القاري، ج ۲۰ ص ۱۶؛ التفسير الصافي: ج ۱ ص ۱. راجع: بيّنات: العدد ۲۸، ص ۸۱.

2.راجع: بيّنات: العدد ۲۸؛ ص ۸۱.

3.المحرر الوجيز: ج ۱ ص ۵۰.

4.فتح الباري: ج ۹ ص ۳۹.

5.الإتقان في علوم القرآن: ج ۱ ص ۱۶۷.

6.راجع: مناهل العرفان: ج ۱ ص ۳۵۱ - ۳۵۲؛ التحرير والتنوير: ج ۱ ص ۸۷؛ تاريخ قرآن: راميار: ص ۲۹۵؛ تاريخ قرآن، حجتي: ص ۹۰ - ۹۳.

7.المحرر الوجيز: ج ۱ ص ۵۰.

8.البرهان في تناسب سور القرآن: ص ۷۴؛ البرهان في علوم القرآن: ج ۱ ص ۲۵۸.

9.الإتقان في علوم القرآن: ج ۱ ص ۱۶۷.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
184

جدّياً في هذه الحالة، ولكان غير منسجم مع وصيّة النبيّ صلى اللّه عليه و آله . ومع أخذ هذه الأسباب بنظر الاعتبار فإنّنا مضطرون لأن نفسّر رواية اللشيخ الصدوق بهذا المعنى نفسه، أي جمع كلّ أجزاء القرآن وأقسامه بين الدفّتين كي يبقى محفوظاً من التحريف والنقص، وأنّ كلمة «الإتقان» في الحديث توصل هذا المعنى.

وعلى هذا الأساس يمكن اعتبار المراد من رواية جمع القرآن بعد النبيّ صلى اللّه عليه و آله جمع القرآن لنفسه‏۱، أو في مجموعة بين دفّتين‏۲. وعلى سبيل المثال: فأبوبكر لم يضع المصحف المجموع تحت تصرّف المسلمين، بل أعطاه إلى عمر الذي كان معه في هذا العمل، وكان عند ابنته حفصة من بعده حتّى استخدمه عثمان في توحيد المصاحف، وزال بعد موت حفصة على يد مروان‏۳. ولعلّ بالإمكان اعتبار الرواية التي تُفيد بأنّ أبا بكر كتب هو نفسه مصحفاً وطلب من زيد بن ثابت النظر فيه، ولكنّ زيداً رفض فجعل أبو بكر عمر واسطة إليه، وحينئذٍ قَبِلَ زيد، اعتبارها تأييداً لهذا الادعاء۴. وجدير بالذكر أنّ إحدى الروايات تفيد بأنّ عمر قام لأوّل مرّة بجمع القرآن‏۵، ولكنّ ابن حجر - وتبعه السيوطي - أشكل على سند هذه الرواية أوّلاً، ورأى أنّ المراد بها هو أنّ عمر أشار لأوّل مرّة على أبي بكر بجمع القرآن.۶

وعلى أيّ حال فالمرجّح أنّ الهدف الرئيس لبعض الروايات المذكورة هو تسجيل فضيلة «أوّل جامع القرآن» لأشخاص معيّنين. واستناداً إلى الروايات الكثيرة التي رُويت عن الفريقين، فقد كان أمير المؤمنين عليه السلام أوّل جامع للقرآن بعد رسول

1.مقدمتان في علوم القرآن: ص ۱۸؛ التحرير والتنوير: ج ۱ ص ۴۹؛ دراسات قرآنية، (تاريخ قرآن)، ص ۸۶.

2.المصاحف: ج ۱ ص ۱۵۳ و ۱۵۵؛ مناهل العرفان: ج ۱ ص ۱۸۳؛ تاريخ قرآن، محمود راميار: ص ۳۲۳.

3.المصاحف: ج ۱ ص ۱۷۰ - ۱۷۱؛ دراسات قرآنية: ص ۸۶.

4.جمال القراء: ج ۱ ص‏۲۶۴.

5.المصاحف: ج ۱ ص ۱۷۰ - ۱۷۱؛ كنز العمّال: ج ۲ ص ۵۷۸.

6.فتح الباري: ج ۹ ص ۱۰؛ الإتقان في علوم القرآن: ج ۱ ص ۱۵۵.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27399
صفحه از 616
پرینت  ارسال به