181
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

نقد الشاهد الثالث‏

نظراً إلى أنّ ۸۶ سورة نزلت في مكّة ومعظم السور الثماني والعشرين الاُخرى نزل قبل السنة الأخيرة من حياة النبيّ صلى اللّه عليه و آله ، وأنّ روايات تقسيم السور وتصنيفها تظهر ترتيباً مماثلاً للترتيب الحالي للمصحف‏۱، فيمكننا القول: إنّ الترتيب العامّ للأغلبية الساحقة من السور حدّد في السنوات الأخيرة لحياة رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ، وإنّ نظم معظم القرآن كان قد تبلور.

الشاهد الرابع: عدم وجود النصّ‏

لو كان هنالك نصّ عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله في ترتيب السور لوصل إلينا لا محالة، ولما وجد فيه اختلاف مثل ترتيب الآيات.۲

نقد الشاهد الرابع‏

كان تنظيم القرآن في عهد رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله تابعاً لنزول الوحي التدريجي والمستمرّ؛ ولذلك فإنّه ارتبط بحياة المسلمين بنحو طبيعي، وكان أمام مرأى الجميع بحيث انتفت الحاجة إلى نقله والتصريح به، وتشهد على ذلك القرائن والشواهد النقلية التي سبقت الإشارة إليها.

الشاهد الخامس: اختلاف مصاحف الصحابة

يتمثّل الدليل الآخر على عدم توقيفية ترتيب السور في اختلاف مصاحف الصحابة في هذا الجانب، فلو تمّ تنظيم السور على يد النبيّ صلى اللّه عليه و آله لما خالفه الصحابة أبداً.

نقد الشاهد الخامس‏

كان معظم مصاحف الصحابة مجموعات هي حصيلة الجمع الشخصي لكلّ واحد منهم، حيث لم يضمّ بالضرورة كلّ القرآن، كما لم يكن أصحابها يدّعون المطابقة

1.راجع: الإتقان في علوم القرآن: ج ۱ ص ۱۵۹ و۱۶۷؛ مناهل العرفان: ج ۱ ص ۲۴۷.

2.الانتصار للقرآن: ج ۱ ص ۲۸۰ - ۲۸۱.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
180

معدودين، يحتمل أنّهم كانوا من الحفّاظ الأوائل.۱

الشاهد الثاني: رواية زيد بن ثابت‏

الدليل الآخر على الجمع الاجتهادي للقرآن: رواية زيد بن ثابت، حيث قال بأنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله فارق الدنيا ولم يكن القرآن قد جمع‏۲. وهذا يعني أنّ القرآن الحالي هو حصيلة ترتيب الصحابة له ويعود إلى ما بعد النبيّ صلى اللّه عليه و آله .

نقد الشاهد الثاني‏

هذه الرواية مبتلاة بالرواية المعارضة، وروايات القول الأوّل، والرواية الاُخرى لزيد نفسه التي تخبرنا عن جمع القرآن في عهد رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ، ممّا يفقدنا الثقة بها.۳

كما أنّ محتوى هذه الرواية ليس صريحاً في المدّعى، فمن المحتمل أن يكون المراد أنّ القرآن لم يجمع في عهد النبيّ صلى اللّه عليه و آله بين الدفّتين‏۴، أو في مصحف واحد ۵، أو لم يتمكّنوا من إعداد قرآن منظّم، أو مُدوّن من حيث السور، مع أنّ رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله أعلم بعض الصحابة بنظم وترتيب خاصّين فيما يتعلّق بالآيات‏۶ والسور.۷

الشاهد الثالث: استمرار نزول القرآن‏

قيل: إن نزول القرآن استمر حتّى السنة الأخيرة من حياة النبي صلى اللّه عليه و آله ، وإنّ احتمال نزول الآيات الجديدة كان قائماً في عهده صلى اللّه عليه و آله ؛ ولذلك فإنّ جمعه وتأليفه النهائيّين لم يكن بالإمكان أن يتمّا في عهده صلى اللّه عليه و آله .

1.راجع البداية والنهاية:ج ۵ ص ۳۷۹ -۳۶۹.

2.الأتقان في علوم القرآن: ج ۱ ص ۱۶۰ «عن زيد بن ثابت قال: قبض النبي صلى اللّه عليه و آله ولم يكن القرآن جمع في شي‏ء».

3.مسند ابن حنبل: ج ۵ ص ۱۸۵؛ المستدرك على الصحيحين: ج ۲ ص ۲۲۹.

4.مقدمتان في علوم القرآن: ص ۳۲.

5.الإتقان في علوم القرآن، ج ۱ ص‏۱۵۵.

6.التفسير الحديث في علوم القرآن: ج ۶ ص ۱۲۴.

7.تاريخ قرآن، محمد باقر حجتي: ص ۲۲۷ - ۲۲۸.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27280
صفحه از 616
پرینت  ارسال به