179
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

دوافع الجهاز الحاكم في هذا العمل.۱

۲. استناداً إلى نقل اليعقوبي، فقد أمر أبو بكر بأن يُعرض القرآن على سعيد بن العاص‏۲، في حين أنّه كان يبلغ من العمر آنذاك نحوالي عشر سنوات‏۳؛ ولأنّ بعض الروايات تفيد بأنّه حضر في قضية توحيد المصاحف من قبل عثمان‏۴، فمن المحتمل أن يكون ذكره هنا على أثر الخلط بين القضيتين.

۳. تتنافى هذه الروايات مع إجماع المسلمين على إثبات القرآن عن طريق التواتر، فقد جاء فيها أنّه كان يسجل القرآن بشهادة شخصين. وقد أدّى الالتفات إلى هذا الإشكال لأن يعمد بعضهم إلى تبرير تسجيل القرآن بشهادة شاهدين، وعلى سبيل المثال: فإنّ ابن حجر لم يعتبر المراد من الشاهدين الشخصين العادلين، بل بمعنى الحفظ والكتابة۵. وربّما كان قصد ابن حجر أنّ كلّ آية وعبارة لم تسجّل في المصحف إلّا إذا كانت محفوظةً من قبل حافظي القرآن كلّه، أو بعضه، وكذلك في ما كتبه الأصحاب بأيديهم.

كما توجد أسباب اُخرى مثل: أنّ شهادة شاهدين اُقيمت على أنّ ما كُتب كان في حضور رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ومؤيّداً من قبله‏۶، أو الشهادة على أنّها كانت أحد وجوه القراءات وأنّ رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله سمعها وأيّدها۷، أو غيرها من الأسباب.۸

۴. اعتبرت هذه الروايات مقتل كثير من حافظي القرآن في حروب اليمامة من دوافع جمع القرآن، إلّا أنّ فهرس شهداء هذه الحرب لم يضمّ سوى أشخاص

1.دراسات قرآنية (تاريخ قرآن): ص ۸۷.

2.تاريخ قرآن، راميار: ص ۳۰۸ - ۳۰۹، ۳۲۳ - ۳۲۹، ۳۳۲.

3.تاريخ اليعقوبي: ج ۲ ص ۱۳۵..

4.الطبقات الكبرى: ج ۵ ص ۳۱؛ الإصابة: ج ۳ ص ۹۰.

5.فتح الباري: ج ۹ ص ۱۶.

6.جمال القرآء: ج ۱ ص ۲۶۱.

7.فتح الباري: ج ۹ ص ۱۲ نقلاً عن السخاوي.

8.راجع: الإتقان في علوم القرآن، ج ۱ ص ۱۵۷؛ تاريخ قرآن، معرفت: ص ۸۹.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
178

شهادته بمنزلة شهادتين. وقبلت الآيتان الأخيرتان من سورة التوبةمن دون تقديم شاهد آخر.۱

نقد الشاهد الأول‏

أدّت بعض الملاحظات المثيرة للانتباه في مضمون هذه النقول إلى تشكيك الباحثين فيها لعدّة اُمور؛ من جملتها:

۱. رغم كثرة روايات جمع القرآن بعد النبيّ صلى اللّه عليه و آله ۲ فقد يؤدّي الاختلاف المضموني بين بعضها إلى الشكّ في صحّتها۳. ويرى بعض الباحثين أنّ أوّل جمع للقرآن يعود إلى عهد أبي بكر، ويرى بعض آخر أنّه يعود إلى عهد عمر، ويرى آخرون أنّه يعود إلى عهد عثمان.ويبدو من بعض هذه الروايات أنّ عدّة آيات من القرآن حفظت في صدور الأشخاص فقط حتّى عهد عثمان ولم تكن قد دُوّنت.۴

ويبدو أنّ قسماً من هذه الروايات التي نقلت عن زيد أو ابنه خارجة تسعى لأن تختلق الفضائل لزيد من خلال تضخيم الموضوع، والتأكيد على صعوبة جمع القرآن وتعقيده.

كما أنّ خوف عمر من تلف القرآن كما جاء في بعض هذه الروايات - لا يبدو منسجماً مع هذه الملاحظة، وهي أنّ النسخة المعدّة في عهد أبي بكر لم توضع تحت تصرّف عامّة الناس‏۵؛ لأنّ تدوين مصحف شخصي وخصوصي لم يكن عملاً جديداً ومعقداً، وعدم تعميمه لا يسهم في حفظه؛ ولذلك فإنّ من المحتمل أن يكون امتلاك نسخة من القرآن - كالصحابة الآخرين البارزين - وامتلاك دستور المجتمع أحد من

1.الإتقان في علوم القرآن، ج ۱ ص ۱۵۷؛ التمهيد: ج ۱ ص ۲۹۹.

2.صحيح البخاري: ج ۵ ص ۲۱۱؛ فتح الباري: ج ۹ ص ۱۳؛ عمدة القاري: ج ۱۸ ص ۲۸۲.

3.راجع: كنز العمّال: ج ۲ ص ۵۷۲ - ۵۹۰.

4.راجع: البيان، [آية اللَّه‏] الخويي: ۲۴۷ - ۲۵۲؛ تاريخ القرآن، تئودور نولدكه، ترجمة جرج تامر ص ۲۵۲ - ۲۵۶.

5.راجع: البيان: ص ۲۴۵ - ۳۵۲.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27618
صفحه از 616
پرینت  ارسال به